الرئيس الذي لا يزور إلا في الهاجرة.. يوم مشهود يجمع له الناس..
يوم مجموع له الناس..!!! يوم مشهود….!!!
كان صباحا جميلا من صباحات الصيف المعتدلة…طلعت الشمس متلفعة بملاءة شفافة من سحب يونيو الاستطلاعية….في الجانب الغربي بقايا قمر دهمه الفجر في مجلس انسه قبل ان يرحل الى مضجعه في البحر الاخظر…لقد بات والشمس في صحن سماء تلطفه هبات من رياح المحيط…. بين وقت وءاخر تحتجب الشمس وراء السحاب حياء…ولم لا ولما يختف بعد ضجيع البارحة…..
قال محمود رحمه الله….
يحكى انه كان للبلاد رئيس حنون …عطوف على رعيته ….وكان لا يهدا له بال حتى يزورها في ديارها وان شطت وحالت دونها الحوائل العظام… وقته المختار حين يشتد الحر وتنهك الخلائق و يصوح النبت ولا يبقى في شبر هشيم يرعى….حتى قال قائل الناس ان بالرئيس مرضا اعجز اطباء الروم وحير حكماء الهند وأذهل سحرة افريقيا….وان دواءه هو السموم والترجل في الهاجرة على رمضاء القرى المنسية في مهامه التيه والضياع….
كان في كل مرة يلقي خطابا طويلا….ويحث على الانترنت والبيض المسلوق….ويحذر من الطلاب العائدين من الجامعات الاجنبية..
قال محمود : كنا ايامها جماعة من الساقطين…لا نحافظ على شرف ولا مروءة…نتحين زيارات الرئيس لولايات الوطن ….فنندس في تلك الجموع قابلين بمؤخرات السيارات واهانات واذلال السائقين…. بعضنا يختلق انه من المخابرات جاعلا من تنكره في لثامه الاسود بطاقته المهنية ..وبعضنا يوهم انه من الصحافة ايام كان الناس يخافون حتى كتابات المتطفلين المتعثرين من ادعيائها وكنت منهم ابتز صغار الموظفين وبعض العامة.. عندي مصورة من “مصورات الحجاج” التي يحضرونها من مكة للاطفال…و اهل بعض تلك المناطق يصدقونني بمجرد سماع صوت تحريك دوائر الالعاب فيها…دفعني الخزي مرات الى ايهام بعض الشيوخ والعلماء اني اصورهم واسجل كلامهم بمجرد ان اوجه اليهم جانبها الخلفي فيذيعون ما شاء الله من اسرارهم ويشتطون في تضخيم مكاناتهم وتاريخ قبائلهم…وطرح مطالبهم على الحكومة….. لم انس ذلك الشيخ الذي اقتنصته بقذارة وهو يشرح لبعض الطلبة حكم جواز التداوي بالنجس (الدم)…فتدفق علي ملحا ان ابلغ كلامه للحكومة واذيعه وانا اعده وهو يدس في جيبي رزما نقدية ويقول: من اعطي من غير سؤال لا يرد …لا يرد الهدية الا اللئيم …لم يكن المسكين يدري انني اوسع جيبي حتى يسهل ابتلاعه للرزم الكثيرة…ما كان يدري انني حقير…كنا ننجح حسب تخلف المجتمعات المزورة…على كل حال كنا نركب مجانا وناكل الطيبات مجانا لا ندفع الا كرامتنا وكبرياءنا ثمنا لهذه السياحة المباركة …هي اذن ليست باهظة الثمن …
و ذات يوم بدا الرئيس خطابه امام سكان قرية لا يهتدي اليها المطر الا بعناء شديد وربما اجل زيارتها الى موسم ءاخر…يومض البرق فتطل السحابة من هودجها وتجيل الطرف في الارض فتقول للرعد احملني بعيدا هذه يا عزيزي من الاجاديب….لكن خطاب الرئيس بدأ…نعم ايها الناس ..بدأ خطاب الريئس… صاح منسق الربط حاثا الجماهير على الصمت والهدوء والانضباط…..جلس وجهاء الحي قريبا من الرئيس وقد كوروا رؤوسهم بعمائم سود وتركوا اعلاها عاريا للشمس.. اوصاهم ملاكهم السياسيون بالمبالغة في التعبير عن استحسان كلمة الرئيس وبيان صدقه في ما يقول.. اوصوهم غافلين انه اذا كانت مفردات الرؤساء هي حركات ايديهم وتكشيرا دائما هو ألم ولادة عسيرة لمفردات تظل تتدحرج في تضاريس حناجرهم الوعرة حتى يطرحوها وكاد يلجمهم العرق , فان لاهل البادية حقولهم التعبيرية الخاصة……..صاح احد الاعيان بعد اشارة خفية من عين جليس بعيد وبدا التثمين والتمجيد لكن بلغته الخاصة …يا للهول !! رقص الرجل ثم ازداد حماسه …كانما اهتدى الى عبارة فاتته أوفى وأنسب … فعض سبابته …حرك يده بعنف كلامس جمر..احدثت اصابعه فرقعة كالرعد…وكانت الكارثة !!! دعا الرجل باحتراق العضو الحميم لأم الرئيس( مصغرا) وأشفع ذلك بعبارة : ما اصدقك… بحسانية اصيلة لم يهذبها حظ من ثقافة ولا مدنية… بهت الوزراء والقادة وكبار رجال الدولة…..اضطربوا…ارتعدوا….فزعوا …نظروا الى اقدامهم….مستنجدين بالمجهول……..فدعوا الله مخلصين له الدين ..ونذروا النذور ….نظر بعضهم الى اظافر يده وقد سمع من بعض عجائز قومه ان النظر اليها يصرف الضحك المباغت في الاوقات الحرجة…..وطلب بعضهم من جليسه ان يغرس اظافره في فخذه نشدانا للالم… فما احلى الالم في هذه اللحظات القاسية…
لكن شيخا ءاخر اعلى مقاما من سلفه وابلغ لسانا وألحن بحجته فجأ الرئيس والقوم بما لا يخطر على البال…تقدم كجسم كارتوني متحرك…فلاول مرة ألبسوه دراعة مصمغة من بزاه يستطيع لو شاء ان ينسل منها وتبقى مسموكة بغير عمد….تقدم تتبعه امرأة تهز طرف ملحفتها فوق راسه وتسلل ثديها الايسر منبطحا كضفدعة عجوز… فارتفعت الزغاريد وهدر الطبل ولعلع الرصاص اجلالا لشيخ القرية …تقدم يتبختر بخطى فيها توابل كبر منتهية الصلاحية …مشى السبطرى ,مشية يبغضها الرئيس وجنده الا في هذا المقام ..لم يدبج قصيدة كشعر المتنبي في سيف الدولة..لم يقل ما قاله ابن هانئ للمعز : ما شئت لا ما شاءت الاقدار@فاحكم فانت الواحد القهار@ وما يفعل الرؤساء بدواوين شعر كاذب لا يفهمونه؟؟؟؟..تقدم شيخ القرية..وكان الزلزال …كانت الماساة حقا…صاح وافرغ كنانة بلاغته وفصاحته وجاء بأمر عظيم…. فكر….قدر ….دبر…عبس…بسر…ثم اقبل و ابدع ….فحص الارض بقدمه …ثبتها عميقا ..استغاث بعانة “آلويمين” (مصغرة) يستمطر بها العبارة اللائقة بالرئيس والمرضية لفاعل القوم السياسي …ثم زعم انه ببركتها اهتدى الى معجزة بيانية يثبت بها صدق الرئيس و بعده عن الكذب.. صاح بصوت فخم غليظ فيه الشعور بالعظمة والوثوق من النفس …قال : اقسم بسرة امي (ثم نفى ان يكون الرئيس قد اخرج ريحا)…. باسلوب التصغير….وبحسانية لا كناية فيها ولا تورية… شرع وزير الاسلام يحلب لحيته بعنف..ليغير شكل خطوط ابتسامة حمقاء تراوده عن نفسه..نزع الحارس الشخصي للرئيس نظارتيه بسرعته وازال اجساما وهمية عن عينه في حال من الارتباك والخوف والاضطراب…حاولت احدى الموظفات الساميات وأد ضحكة فلم تقدر رمقها الرئيس فحولتها بفشل الى عطسة….وزير التخطيط ارتعش وشعر بالمغص حتى غلبه القيء من فرط حبسه للضحك … …اخذت الوفد الرسمي كله الرجفة وشعروا جميعا بالحاجة المفاجئة الى دخول المرحاض….ولا مرحاض الا الخلاء…عض الرئيس شفتيه…مسحهما بلسانه ..وخص السفلى بعضة طويلة يغالب هو الآخر ابتسامة مشاغبة تريد ان ترتسم……ثم تماسك وشكر القرية على حسن الاستقبال….واسر الى بعض خلصائه قائلا : هذا امر خطير …ما زالوا في هذا المستوى ؟؟؟!!!….فاشار عليه بمحو الامية….قال محمود رحمه الله انا لا اسلم على موظفي محو الامية لاني اشم فيهم ريح الرئيس…
الكاتب ذاكو وينهو