ما هي جدوى المشاركة في هذه الانتخابات؟ وهل تجوز شرعا؟
المشاركة السياسية وسيلة أم غاية ؟ أحيانا أميل إلى آراء الفقهاء الذين يفتون بتحريم المشاركة في الانتخابات المحلية لما يحدث فيها من التقاطع والتنابز بالألقاب والشتائم بين أولي الأرحام ، بالإضافة إلى تبذير الأموال وهدرها وانتشار الرشوة والكذب وضياع الوقت مقارنة بعدم جدوائتها نظرا لضعف دور المنتخبين وعدم قدرتهم على تحقيق متطلبات الشعب فالنائب والعمدة في النهاية لا يملك إلا المطالبة والكلام وهو شيء كان بوسعه قبل أن يكون نائبا أو عمدة لأن السلطة محصورة بيد السلطة التنفيذية ممثلة في الرئيس الذي أخذها بالقوة والقوة فقط..
إن من يقارن بين المفاسد التي تترتب على المشاركة في الانتخابات والمصالح المتوقع جلبها من المشاركة سوف يدرك جليا أن المفاسد أكبر وأشد والقاعدة تقول : درء المفاسد مقدم على جلب المصالح . تعتبر المشاركة السياسية وسيلة لاختيار شخص تظن به خيرا كممثل لك عمدة كان أو نائبا ليحقق بعض متطلبات ناخبيه كبناء المدارس وتوفير الخدمات الأساسية كالصحة والماء الشروب لكنه ما إن ينجح حتى يعترف بعجزه أمام تجبر السلطة التنفيذية.
في الدول الديموقراطية يستطيع النائب أن يفعل كل شيء لكن في بلد كموريتانيا لا يستطيع فعل أي شيء إلا محاباة السلطة التنفيذية مقابل مصالح شخصية إذا كان مواليا أو نقدها كأي مواطن إذا كان معارضا فكم مرة يصدع النائب بمشاكل المواطنين وتمضي الليالي والأيام وكأن شيئا لم يحدث وكم مرة اعترف العمدة بعجزه وأنه لا يستطيع ؟ إن المشكلة الرئيسية التي تقف عائقا أمام التقدم هي الجهل فلو أن هذه الأموال المخصصة للانتخابات وجهت إلى مجال محاربة الجهل ودعم التعليم من خلال بناء مدارس في دوائر المترشحين فسوف يتحسن التعليم ونساهم في بناء جيل جديد ، والاستثمار في الانسان ربحه مضمون ودائم ، فمثلا يقال إن أنصار أحد أحزاب المعارضة انفقوا مليار أوقية في انتخابات 2013 في إحدى المقاطعات وأنفق أنصار الحزب الحاكم قريبا من ذلك فلو أن هذه الاموال المهدورة وجهت للتعليم لكفت لبناء مئات المدارس ومعاهد التكوين ولو وجهت لقطاع الخدمات لوفرت الماء الشروب والكهرباء والمستشفيات للسكان مجانا لكنها وقد أهدرت في الانتخابات لم تحقق سوى البغضاء والصراع أو مداخالات في البرلمان لا تقدم ولا تؤخر .
فما دامت المشاركة في الانتخابات مجرد وسيلة لغاية هي تحقيق مطالب السكان المتمثلة في المدارس والصحة والمياه والكهرباء … وما دام المنتخبون عاجزين عن تحقيق ما انتخبوا من أجله في حين أن تكلفة انتخابهم تكفي لتحقيق أضعاف ما ينتظر تحقيقه منهم في حال نجاحهم، مادام الأمر كذلك وهو كذلك، لماذا لا يبني المواطنون مدارسهم ومستشفياتهم بأموالهم ويحمو أواصرهم ووحدتهم ؟ أم أن المشاركة غاية وليست وسيلة ؟ إن من يبذل ماله وجاهه ويقطع أرحامه من أجل انتخاب نائب عاجز يشبه تماما من يدفع مليارا من أجل لقاء وزير يؤمل منه بناء مدرسة تكلفتها خمسة ملايين .
محمد عبد الله أحمدو
118 تعليقات