السياسة والذباب الجائع../ عبد القادر ولد محمد
ان لم تكن السياسة من عمل الآخرة فإنها لم تعد من اعمال الدنيا الرابحة ..
دأب أعيان المجتمع الاهلي المورتاني من زعماء العشائر و المتحدثين باسم المجموعات القبلية و غيرهم من الوجهاء التقليدين و بعض اهل العلم و الكثير من رجال الاعمال و كذلك العديد من الاطر والموظفين على التقدم الي السلطة ممثلة في اجهزتها السياسية ( احزاب او هياكل ) بطلبات نفعية مقابل خدماتهم الساسية و و ذلك وفقا لعقلية رسختها الايام مفادها ان ” الدولة ما تعارض ” اي ان معارضة الدولة بمعني السلطة الحاكمة مما لا ينبغي و انها اي الدولة بهذا المفهوم الضيق تتحكم في ارزاق الناس و في اعناقهم و انها هي وحدها التي لديها ما تعطي وتمنع منه ..
و قد توطدت هذه العقلية ايام الحزب الجمهوري حين كان قبلة للطامعين في مال الدولة او في جاهها و للخائفين من بأسها و قد حدثنا أحد الأمناء العامين السابقين ل” حزب الدولة ” انه التقي ذات مرة بوفد يمثل بعض المجموعات الأهلية و كان ضمن الوفد واحد من أطر الدولة البارزين فأبي ان يكتفي بلغة الاشارة التي تكلم بها اكابر قومه و قال موضحا لللمسكوت عنه في طلباتهم : ” السيد الامين العام لكي تكن الامور واضحة نحن نعتبر ان الدولة بمثابة البقرة الحلوب وقد أتيناك لنيل ثدي من أثدائها كي نحلبه ” وقد ساد الاعتقاد عندنا بان السياسة او “بولتيك ” تكاد تنحصر في اكل تراث الدولة أكلا لما و انها من أنجع سبل تحصيل منافع الحياة المادية و الارتقاء في سلم الاعتبارات الاجتماعية.. و الحقيقة ان هذا النمط من السياسة إدي في اغلب الحالات المعروفة الى مأزق حيث برزت للوجود كائنات سياسية غريبة لا يمكن تحديد هويتها تتخذ تارة من العمل السياسي غطاءا للفشل في عالم المال والأعمال و و احيانا الة لحل العقد المترتبة على حسد ابناء العمومة و تارة اخري لتصفية الحسابات العشائرية الى غير ذلك من الأغراض الشخصية و الهمجية ولعل القاسم المشترك الذي يجمع تلك الكائنات يكمن في غياب ملحوظ للحس الوطني الذي يجب ان يكون الدافع الأساسي لممارسة السيلسة بالمعني النبيل للكلمة .
لقد فقدت السياسة روحها بعد ان صارت لعبة ذباب جيعان يتصارع على ما يحسبه طبق حلوي ولقد اضرت ممارسة هذا النمط البدائي لكي لا اقول البدوي من السياسة بالبلاد و بالعباد لانه افسد على الأغنياء نظافة ثروتهم و حرم الفقراء من إلزامية حقوقهم كما أدي الى اختلاط الحابل بالنابل حيث ارتبط ذكر السياسي بالمخادعة و من ذلك قولهم الماثور ” حصله ببولتيك ” بمعنى الموافقة الى حد النفاق وفقا لمقولة ” ال ما ينافق ما أوافق ” و قد سمعت بعض اهل الفضل يبرر ذلك بكون السياسة لا تعد ضمن عمل الآخرة او كما قال : ” السياسه ماه للاخره ” و اذكر ان مبلغ همه كان ينحصر حينها في تعيين احد أقاربه صار في ما بعد من ألد خصومه السياسيين و في الحصول علي سيارة رباعية الدفع كلفته صيانتها ما لا طاقة له به .. و قد ادرك صاحبنا بعد ذلك ان أضرار ” السياسة ” كانت بالنسبة له اكثر من منافعها و ان معظم امثاله الذين مارسوها علي طريقته لم ينتفعوا بها لدنياهم و ان. لسان حالهم جميعا يقول : الآخرة جات !!!
عبد القادر ولد محمد
تعليق واحد