لا تحرقوه.. حكام العرب أولى بالحرق/ أحمد فال محمد آبه
النار تلتهم جثمان رئيس الوزراء الهندي الأسبق آتال بيهاري فاجبايي الذي توفي أمس الخميس عن عمر ناهز 93 عاما ..
فاجبايي تولى رئاسة الوزراء في الهند ثلاث مرات، استمرت أولاها 13 يوما فقط وكان ذلك عام 1996، أما الثانية فدامت عدة أشهر بين عامي 1998 و1999، وامتدت الثالثة بين عامي 1999 و2004؛ ونجح في تحويل الهند إلى دولة نووية، كما حقق نجاحات على المستوى الاقتصادي.. ورغم كل ذلك لا يجد الهنود غضاضة، وهذا جزء من عقيدة الهندوس، في حرق جثته على الملأ وذر رمادها في أقرب نهر، في مراسم بسيطة ، تقام في الهواء الطلق ويحضرها من أراد ذلك.. ستحرق جثته وتبقى إنجازاته لأنها هي الأهم.
في الدول العربية يجثم الحاكم على الكرسي ثلاثة عقود أو أكثر، دون أن يحقق تنمية تذكر، بل ربما جلب الويلات والحروب لبلاده، وعندما يموت تقام له مراسم تشييع يحضرها زعماء العالم ، وتحمل جثته على الأكتاف .. ثم يقام له ضريح ضخم ، ويتحول قبره إلى معلم سياحي .. وهو الذي كان يستحق الحرق حيا.. امة تقدس الأشخاص، وتجعل منهم اصناما.
حرق جثث الأموات جزء من عقيدة الهندوس، وهم يرون أنه ضروري حتى ترتفع الروح إلى السماء؛ كما يعتقدون أن حرارة النار هي المطهر النهائى للروح بعد غسل الجسد بالماء.. والروح عندهم تتكون من الماء، والتراب، والنار، والهواء، والسماء، والحرق يعيد الروح إلى حالتها الأصلية، لتبدأ رحلة جديدة.
رئيس الوزراء الهندي الحالي ناريندرا مودي كان حاضرا للمراسم، ورأى كيف أُحرقت جثة فاجبايي، واستحالت إلى رماد، ورأى أيضا كيف أن ابنة رئيس الوزراء الأسبق هي من أشعلت النار في جثمان والدها.. وكيف إن إنجازاته لم تشفع له لدى الهنود ، ولم تمنعهم من حرقه .. وربما قال في نفسه “ليتني كنت رئيسا عربيا”.
مودي أعلن يوم الأربعاء أن “الفيل النائم استيقظ وبدأ يمشي وانضم إلى السباق”، وهو يقصد الهند طبعا؛ كما أعلن عن إطلاق خطة لتوفير التأمين الصحي لـ500 مليون مواطن هندي، سيبدأ تطبيقها الشهر المقبل.
مودي حقق تنمية وتقدما اقتصاديا للهند غير مسبوق، حيث بلغت نسبة النمو في عهده 7%، ومع ذلك عندما يموت سيحرق جثمانه بكل بساطة.. بينما ستقام جنازة عالمية تعزف فيها الموسيقى العسكرية ويحضرها زعماء من مختلف دول العالم لرئيس عربي تسبب في ارتفاع نسبة الفقر في بلاده من 10 إلى 20 %، وشرد ثلاثة أرباع شبابه، ودجّن الربع الباقي..!!
تشبيه رئيس الوزراء الهندي لبلاده بـ”الفيل” ليس نابعا من فراغ ، فالفيل حيوان عملاق ، يتجاوز وزنه، عند البلوغ، 7 آلاف كيلوغرام، ولولا أنه مسالم جدا لكان هو “ملك الغابة”، خصوصا أن جلده لا تؤثر فيه مخالب ولا أنياب الحيوانات المفترسة ، كالأسود والنمور.. وكذلك الهند، شبه قارة مترامية الأطراف ، يبلغ تعداد سكانها مليارا و200 مليون نسمة .. لا يؤثر عنها أنها مشاكسة، أو تفتعل المشاكل مع الدول الأخرى، باستثناء ما بينها وبين باكستان من نزاع حدودي .. وهي ذات حضارة عريقة.
العرب، وتحديدا أهل الخليج، يضربون المثل في الغباء بالهنود .. والهنود ليسوا كذلك طبعا، لكن العرب قوم جبلوا منذ القدم على انتقاص الغير..
في الهند ديمقراطية عريقة .. وقوميات وديانات متنوعة ، تحاول التعايش بسلام فيما بينها..
حكام العرب أولى بالحرق من رؤساء الحكومات الهندية..
118 تعليقات