ماذا عن “تواصل” ؟/ إسماعيل يعقوب الشيخ سيديا
أيام الطفولة والمراهقة كانت مخيمات الجمعية الثقافية الإسلامية في موريتانيا المتنفس الترفيهي الأوحد لتلاميذ الإعداديات والثانويات في بلدي.
وكان الإخوان المسلمون في موريتانيا حينها تنظيما محظورا خجولا.
ازداد الانفتاح السياسي بشيء يسير من التعددية وانخرط الجناح السياسي لهم في السياسة.
وسرعانما سجنوا وعذبوا وانتزعت منهم اعترافات مشبوهة، وشتتوا فصبروا وبعد استعادة التعددية عافيتها عادوا بشكل مشرف ومتدرج.
ظهروا في حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) وبدأوا أهلة ويتوجهون شيئا فشيئا ليصبحوا بدورا في سماء السياسة الموريتانية.
تواصل حزب يربو ويكبر وصار أولى قوة سياسية حزبية منظمة في موريتانيا، يمينا ويسارا.
مهما تم تضخيمه أو تغويله فوتيرة نموه طردية ومنطقية وتجعل من إسلاميي موريتانيا رقما في المعادلة الحزبية الموريتانية بدل أن ظلوا مجرد ظاهرة وشماعة.
فرح أنا لأن إسلاميينا يضعون العِلم في الواجهة ويستفيدون من تجارب الجيران ويفوزون ويُغلبون في الانتخابات دون أن يُكفّروا أو يحملوا السلاح في وجه الدولة، فأمتنا كلت بسبب جنون العقيدة.
من أراد أن يقف في وجههم فليكن منظما مثلهم ومؤدلجا مثلهم وصبورا مثلهم أو ليصمت، فإنهم قادمون للحكم فينا أو هكذا تبدّوا لي.
أهم شيء لدى إسلاميي موريتانيا هو إدراكهم لأنهم في أطراف المنطقة العربية وأنهم مواجهون رغم قوة إخوانهم في المغرب وتونس.
وأوضح قصور لديهم هو وجود قياديين في صفوفهم من أحفاد “إيگاون” وشعراء لهجيين مفلقين ورغم ذلك يحاربون التيدينيت وآردين والفن الموريتاني لصالح الأورغ والساكسافون والحداء بحجة وترية ألحان الآلتين الأوليين و”ذكورية” الحداء.
لعل الوقت مايزال مبكرا للحكم عليهم وعلى نضالاتهم لكن من يريد أن يحكم شعبا عليه أن يثمن زيّه وفنه وثقافته قبل طعامه وشرابه.
أما أنهم يشكّلون خطرا علينا فهو لعمري خطر جميل ذلك الذي يسخر لك ابنك ليخدمك في تنمية بلدك وتسييره والنهوض به، فليبحثوا عن غيرها.
صعود حزب تواصل وتوازن الفعل السياسي في موريتانيا هو أكبر مكسب حققه الناخب الموريتاني، فبعد اليوم سيقرن كل منتخب الليل بالنهار ليترك أثرا في نفوس العامة وعيونهم بعد أن ظل الانتخاب تعيينا والحاكم يفعل مايشاء لمن يشاء دون حسيب.