ابن بطوطة فى بيونغ يانغ/ باباه سيدي عبد الله
تُعرِّف موسوعة ويكيبيديا المكتب 39 بأنه “منطقة سرية تابعة لحكومة كوريا الشمالية، و مُخصصة للتعامل مع قضايا التهريب والمخدرات، وللحفاظ على مال الرشوة بالعملات الأجنبية للزعيم كيم جونغ أون”.
وفى العام 2010 أصدر معهد الدراسات الاستراتيجية دراسة بعنوان: ” السيادة الجنائية: فهم الأنشطة الدولية غير المشروعة لكوريا الشمالية”.
وقد سلطت الدراسة الضوء على ما اعتبرته أنشطة غير مشروعة لنظام بيونغ يانغ، مثل تهريب المخدرات، و الاتجار بالبشر، و تزييف الدولار، وغسيل الأموال…تحت إشراف مباشر من المكتب 39 الذي وصفته بأنه عصب الثراء الفاحش لعائلة KIM ” أول سلالة شيوعية حاكمة فى العالم.
لا تهمنا أرقام مكاتب كوريا الشمالية ولا اختصاصاتها السرية أو العلنية، وإنما يهمنا السبب الذي جعل رئيسنا يقطع أكثر من 12 ألف كيلومتر من انواكشوط إلى بيونغ يانغ مرورا ببكين ليحضر وحيدا احتفالات كوريا الشمالية بعيدها الوطني!!!
لقد كان رئيسَ الدولة الوحيد إلى جانب رئيس المكتب السياسي فى الحزب الثوري فى جمهورية لاووس،وعضو المكتب السياسي فى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي فى كوبا، وسكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي فى فيتنام.
حتى فى الترتيب البروتوكولي على المنصة الشرفية جاء رئيسنا ثانيا بعد رئيس اللجنة الدائمة لمجلس الشعب الصيني.
إقامة العلاقات الدبلوماسية بين موريتانيا وكوريا الشمالية تعود إلى سنوات استقلالنا الأولى،وقد زار الرئيس الراحل المختار ولد داداه بيونغ يانغ فى سبتمبر 1974 ، واستقبل فى السنة الموالية فى انواكشوط نظيره الكوري الشمالي الراحل وجد الرئيس الحالي.
و من علاقاتنا القديمة مع كوريا الشمالية استفدنا مصنعا للنسيج والخياطة ومركزا للتكوين النسوي ودورات تكوين وتأطير للشباب،قبل أن نقطع علاقاتنا معها ونطرد سفيرها وهو عميد السلك الدبلوماسي، احتجاجا على اصطفافها إلى جانب الجزائر إبان حرب الصحراء.
بعد انتهاء الحرب ستعيد موريتانيا علاقاتها مع كوريا الشمالية وسيزورها الرئيس الأسبق محمد خونا ولد هيدالة ويجلب منها فكرة “هياكل تهذيب الجماهير”، والعهدة على العميد محمد فال ولد عمير (مقال منشور بتاريخ 21 دجمبر 2011).
فما الذي سيجلبه عزيز من بيونغ يانغ وقد تبدلت الأحوال والرجال؟
أكيد أن لدى كوريا الشمالية برنامجا نوويا وفضائيا متطورا، وأنها تنتج أنواعا مختلفة من الأسلحة الأصلية والمستنسخة وبأثمان رخيصة،لكنها تئن تحت وطأة عقوبات دولية خانقة فرض مجلس الأمن الدولي آخر حزمة منها منتصف سبتمبر 2017.
وباستثناء الأسلحة تعتمد كوريا الشمالية فى مواردها المالية – بالأساس – على تصدير فواكه البحر والفحم، ولدينا ،فى موريتانيا، فائض من المنتَج الأول ونحن فى غنى عن المنتَج الثاني، حتى إشعار جديد.
فما الذي يبحث عنه محمد ولد عبد العزيز فى كوريا الشمالية؟
الواضح من برقيات وكالتيْ الأنباء الرسميتين أن الرئيس الكوري الشمالي لم يوجه دعوة لنظيره الموريتاني لزيارة بيونغ يانغ، والأوضح من ذلك أن كوريا الشمالية ليست من الجار ذي القربى ولا الجار الجُنب، فهل تصبح “عابرة سبيل” هربا من الحصار والعقوبات الدولية؟
فى تقرير نشر قبل سنة، أثبت خبراء تابعون للأمم المتحدة أن كوريا الشمالية مبدعة فى مجال استخدام دول أخرى لتهريب شحنات الأسلحة وإبرام الصفقات المالية المشبوهة، وأنها تلجأ إلى النقل البحري عبر سفن ترفع أعلام دول مختلفة.
وقد تَكثَّفت مثل هذه العمليات بعد اعتراض إحدى سفن كوريا الشمالية فى المحيط الهندي سنة 2000 وعلى متنها شحنة صواريخ موجهة إلى اليمن،و إيقاف سفينة أخرى فى البحر الأحمر كانت تقل شحنة من الراجمات والذخيرة إلى مصر.
أريد- وغيري كثر- ردا مقنعا حول دوافع ونتائج هذه الزيارة وقد مرت اليوم على وجوده خارج الوطن تسعة أيام.
106 تعليقات