الفرانكفونية.. وصراعات الجنس اللطيف / محمد السالك ولد إبراهيم
ميز افتتاح القمة السابعة عشرة للمنظمة الدولية للفرانكفونية، اليوم الخميس في إيريفان بأرمينيا، بمبارزة دبلوماسية مثيرة بين سيدتين سوداوين متميزتين، سبق أن قادني محض الصدفة للتعرف عليهما في يوم من الأيام في إطار النشاط الدبلوماسي.
واليوم، تقف هاتان المرأتان العظيمتان، أعني الكندية السيدة ميكائيل جان والرواندية السيدة لويز موشيكيوابو، للتنافس على منصب الأمين العام للمنظمة الدولية للفرنكوفونية. ورغم أن التصويت سيجري غدا الجمعة، إلا أن الاختيار النهائي يبدو قد حسم مسبقا لصالح إحدى المتنافستين.
تعرفت أولاً على الكندية السيدة ميكائيل جان، المولودة في سنة 1957 في بورتوبرنس بجزيرة هاييتي، سنة 1999. كانت ما تزال صحفية مغمورة ومذيعة للأخبار في التلفزيون براديو كندا. وكنت أنا في ذلك الوقت، دبلوماسيًا متدربًا في السفارة الفرنسية في أوتاوا. كان رئيسي في التدريب، السيد إيف أودين (كان مؤخراً سفيرا لفرنسا في البحرين)، غالباً ما يرسلني لتمثيل السفارة في الاحتفالات والمناسبات الثقافية التي لا تكاد تنقطع في أوتاوا. التقيت للمرة الأولى بالسيدة ميكائيل جان، خلال معرض للفن التشكيلي منظم في سفارة هاييتي في أوتاوا. وبعد سنوات قليلة، عينت السيدة ميكائيل جان حاكمة عامة لكندا في سبتمبر 2005.
في وقت لاحق، وبعد سنوات عديدة، تعرفت لأول مرة على السيدة لويز موشيكيوابو، وزيرة الخارجية الحالية في رواندا، في سنة 2014 بمناسبة انعقاد قمة الاتحاد الأفريقي في مالابو، حيث كانت موريتانيا تتولى رئاسة تلك المنظمة الدولية. آنذاك، كنت مساعدا لوزير الشؤون الخارجية الموريتاني السيد أحمد ولد تكدي، الذي كانت السيدة لويز تكن له الكثير من احترام والتقدير..
فيما بعد، كثرت لقاءاتي مع السيدة لويز ، خاصة حينما كنت معاونا للسيدة خديجة أمبارك فال عندما كانت وزيرة منتدبة مكلفة بملف الشؤون الإفريقية لدى وزارة الخارجية، حيث ربطتنا معا بالسيدة لويز صداقة وطيدة.. وكانت تحب كثيرا موريتانيا..
اليوم، ورغم أن الأمور تبدو قد رتبت بمهارة لاختيار الأمين العام القادم للفرانكفونية غدا في الشخصية اللامعة للسيدة لويز موشيكيوابو، فإن التساؤلات التي أثارتها السيدة ميكائيل جان، في كلمتها الافتتاحية للقمة، ستبقى طويلاً تتردد أصداؤها في أذهان صانعي القرار في العالم الفرانكفوني: “هل نحن مستعدون لقبول استخدام المنظمات الدولية لأغراض منحازة؟” “هل نحن مستعدون لقبول أن يتم اختزال الديمقراطية والحقوق والحريات في مجرد كلمات؟” “وأن تفرغ معانيها باسم السياسة الواقعية؟” “أو مراعاة لترتيبات صغيرة بين الدول أو المصالح الخاصة؟”
تساؤلات كبرى في صميم الوجودية الدبلوماسية إن صح هذا المصطلح..
إلى اللقاء.. وشكرا لك يا ميكائيل.. مرحبا يا لويز.. وحظا سعيدا!
انواكشوط، 11 أكتوبر 2018
تعليق واحد