12/12بين سباقها ولحاقها: / الحسن مولاي علي
لا يختلف شهود مرحلة التدافع العسكري، أن انقلاب 1984/12/12، كان مبعث فرحة عارمة عمت أرجاء الوطن؛ وفي حمياها تنفس الناس الصعداء، وقتحت السجون عن الآلاف من ضحايا الاستبداد الشرس، وخرست أبواق السوء التي جعلت من هيدالة صنما تقدم إليه القرابين، وانطلق الناس إلى همومهم ومشاغلهم ومعاشاتهم، في أمن وطمأنينة بعد أن كان رعب الوشاية والنميمة يلاحقهم حتى في مخادعهم؛
وفي ذلك الجو الذي ساد الحالة العامة للبلاد، تخللت الحياة الوطنية جملة من “الحسنات الرسمية” ساهمت في تخفيف آثار الكابوس السابق، لكن السيئات ما لبثت أن أطلت برأسها من جديد، بعد سلسلة أحداث تمكنت خلالها القبيلة من إعادة احتناك ابنها معاوية، وإعادته إلى حظيرتها، وشيئا فشيئا بات النظام كله مطبخا للسيئات؛ ومن أسوأ سيئات الرجل ونظامه:
– التمكين للأقارب والمحاسيب وشلة التصيق والتطبيل، في المقدرات الوطنية، حيث تقلبوا فيها ظهرا لبطن، وتاجروا في الجائز والممنوع؛
– الإصرارعلى تنظيم أول انتخابات، قبل الترخيص للأحزاب السياسية، فجاءت قبلية خالصة، طبعت الحلقات اللاحقة من المسلسل؛
– وقف تنفيذ الأحكام القضائية، بما فيها الحدود الشرعية التي كانت قد أدرجت في المنظومة القانونية أيام كرنفالات ما سمي تطبيق الشريعة؛
– التزوير الفاضح لأول انتخابات رئاسية تعددية يشهدها البلد، حيث صوت الناخبون بكثافة لمنافسه احمد ولد داداه، فانقلب على النتائج ومنع التداوب.
– الارتماء في أحضان الصهيونية والدوائر الغربية، احتماء من تبعات الغرم الإنساني الذي اقترفه نظامه ضد فئات معلومة من المواطنين؛
– محاولة تصفية حركة الوعي الإسلامي، والحملة الإعلامية الكاذبة الخاطئة، والإجهاز على المنظمات الخيرية والمساجد وسجن الأئمة والعلماء؛
وهكذا أعاد نظام معاوية، بكل تلك الخطيئات، إنتاج حالة مشابهة للتي كانت ذريعة لانقلابه؛ فلما جاء المنقد استقبله الناس بالورود التي نثروها أمام معاوية، ثم كان وداعهم لفارس 12/12 مشابها تماما لوداعهم لهيدالة من قبله؛ اليوم وقد أعاد منقذنا من معاوية الحالة نفسها، واشرأبت الأعناق للمنقذ الجديد، فما عساه يكون، يا ترى، وداع الناس لمن أنقذهم من معاوية؟!