“موكا”.. مدينة نواذيبو تتعفن
اشتدت في الأيام الأخيرة وطأة العفن المنبعث من مصانع شركات دقيق السمك في مدينة انواذيبو المخنوقة، هذه الشركات التي لا تحترم القوانين المعمول بها في البلد، ولا تحترم أي شيء أخر، فالمدينة أضحت مكبا كبيرا لهذه الشركات التي تتعمد حسب ما يظهر هذا السلوك المشين و القبيح، دون رادع في غياب تام للسلطات المعنية.
إنّ التعدي السافر على المواطنين و على البيئة، عاد منذ أسبوعين أشد مما سبق، حيث سبق ونبهنا قبل فترة إلى مخاطر استمرار هذه الشركات في تلويث البيئة بمخلفاتها الخطيرة التي يعد البحرُ اليوم أحد ضحاياها.. و يستدعي الأمرعلى الفور تدخل السلطات الوصية في وزارة الصيد والبيئة .
لقد وقعت هذه الشركات على دفتر التزامات، حتى أن بعضها قد أغلق، لكن كل مرة تعاود الكرة، إلا أن هذه المرة تختلف عن سابقيها، حيثُ بات المواطنون المرضى وغير المرضى ضحايا، حالات يتم الحديث عنها، فهذه الإنبعاثات باتت تخنق وسط المدينة، بروائحها الكريهة.
إن موكا وباء وسرطان يستشري الآن في جسد هذه المدينة الحلم التي تمنينا دائماً أن نراها بشكل أفضل، خاصة أنها عاصمة إقتصادية إضافة إلى مكانتها التاريخية في ذاكرة البلد لما تحتويه من إرث مادي و معنوي يعود لفترات سابقة للإستعمار الفرنسي ولاحقة عليه. لم تبق اليوم إلا أطلالها وقد طمرتها نفايات “موكا” الموجودة في كل مكان. صحيح، أننا نأسف على قول هذا، لكن، لم يعد الوضع يحتمل، فقد أصبحت المدينة طاردة، مدينة مريضة،يطال التلوث رئتها.
فأي مستقبل سيكون للشواطئ؟ هذه الشواطئ التي تعود بمردودية كبيرة على سكان المدينة الذين يشتغلون فيها .. وماذا عن وجهها السياحي. لا نعرف إذا استمر الوضع على ما هوّ عليه، مالذي سيحدث، فحتى من انتخبهم السكان ووضعوا فيهم ثقتهم لم يتدخلوا في الموضوع، متفرجون وكأن الأمر لا يعنيهم..هذه المعاناة تصل اليوم أقصاها، ما يقلل من احتمالات أي نهضة أو ازدهار في المدينة التي تعجز عن تأمين شوارعها و سكانها، ما يجعل من الترف الحديث عن مستثمر أو استثمار!
أوجه صرخة مكلوم و غيور على المدينة و مستقبلها إلى كل الجهات المعنية بضرورة تدراك المسألة قبل فوات الأوان، ورفع شكاوى ضد هذه الشركات إلى القضاء، ومحاسبتها على جرائمها التي طالت كل شيء، الأحياء و الأموات، والبرُ و الحر..مدينتنا في خطر داهم اليوم فإلى متى؟
عبد الباقي العربي- ناشط سياسي
تعليق واحد