“الحب” من جانب واحد/ محفوظه زروق
أطبع وجهي على نافذة طائرة مدفونة وسط الغيوم، أتابع الشمس وهي تنحدر حتى تصبح نقطة حمراء تتبعثر في الأفق ساحبة خلفها أوائل جيوش الظلام الهارب من جبروة القمر وسطوة النجوم.
دعاني عالم السماء للتأمل فلبيتُ نداء الفضاء ومضيتُ في رحلة شاهدتُ خلالها أشكال الغيوم العجيبة وكأن السماء ترتدي سراويل زرقاء ومزن رمادية وعلى مرمى البصر يجلس القمر محاطا بالنجوم في مسافة عادلة إن تجاوزها تختفي عنه كل النجوم.
رأيتُ نظرة الشفقة في نجمة كانت على القرب مني وكأنها تقول: ما رأيك أن تأتي معي لنحميك من شر الأرض فبين أحضان القمر كل النجوم تشعر بالأمان …! قلتُ في تعجب: وهل يقبل السماء أهل الأرض؟ قَالَتْ: أنت لستِ منهم فقلبك رقيق كقلب حمام وقلوبهم صُنعتْ من الحجر الصوّان ! وفجأة تكلمتْ جارتي لتقطع رحلتي في السماء.
آه، نسيتُ أن أقول لكم أنني أجلس بجوار أجنبية تريد أن تعرف كل شيء عن موريتان، حدثتها عن أين وُلدتُ، عن عادات وتقاليد المجتمع، حدثتها عن أطباق الطعام ، حدثتها عن مشاعري اتجاه أوطاني وفجأة قطع حديثنا أصوات طاقم الطائرة يخبرنا بأن الطائرة تهم بالنزول لأرى نفسي بعد لحظات خلف رفيقتي في طابور الأجانب نطالب بتأشيرة الدخول! قَالَتْ: ما شأنك هنا ؟ قلتُ: شأني شأنك، أدخل العالم كله إلا أين وُلدتُ يمنع عليّ دخوله بالمجان! قَالَتْ: هذا ظلم! هذا بهتان…!أقبض الكلمات وهي تهرب مني فلا أمسك إلا سؤالأ واحداً : متى سيظل حبنا من طرف واحد يا بلاد شنقيط؟
99 تعليقات