من هنا نبدأ.. “بظان” “احراطين” اكور…
حين أعلن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية تنظيم مسيرة وطنية ضد الكراهية كثر اللغط في صفوف المعارضة الراديكالية، وارتفعت أصوات مشككة، وسرى الهمس في الأغلبية… وكادت “نشاطات” العام الجديد تنسي المناضلين، والمعارضين، والمترددين دعوات ودعاوي العام المنصرم… غير أن إعلان الوزارة الأولى أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز سيقود المسيرة أعطى الحدث زخما خاصا؛ رضي المنتدى بأن يكون مع الخوالف، وانخرط الوطنيون في الإعداد للمسيرة… وفي اليوم المشهود نفرت الحشود، في تنوعها الوطني الغني، متدافعة حول قائدها، معبرة عن تمسكها به، ومتطلعة إلى خطابه الذي جسد تطلعات المواطنين، وترجم مشاعرهم…
يقول الرئيس..”وحدتنا الوطنية هي أغلى ما عندنا ولن نسمح بالمتاجرة بها والنيل منها مقابل أجر مدفوع من الخارج…” لكن الوطنيين الذين هبوا باكرا للدفاع عن وحدتنا الوطنية، يسألونك فخامة الرئيس: من برهن على قدرته على الوقوف في وجه القوى الأجنبية عدوة وصديقة، فاصطف نهارا جهارا إلى جانب الشعب السوري وحكومته الشرعية في وجه مؤامرة كونية رد الله كيد أصحابها؟ من الذي قاوم كل الضغوط فحمى وطننا من التورط في المستنقع المالي؟ من الذي حمل على عاتقه إطفاء الحرائق في قارتنا من خلال دبلوماسيته الناعمة، وجيشنا القوي؟ من الذي أوجد لنا مكانة مرموقة بين الأمم بعد أن كنا ننام في “المسرح” الدولي؟
يقول الرئيس: “مجرمون يسعون لتفكيك بلدنا مثلما حدث في بلدان عربية وإفريقية ولن نسمح لهم بذلك.. لقد فشلت محاولاتهم إبان ما يسمى ب”ثورات الربيع العربي”…” يلاحظ الوطنيون الذين هبوا باكرا للدفاع عن وحدتنا الوطنية، أن أولئك المجرمين يحشدون قواهم ويستصرخون القوى الأجنبية ليحققوا بالنصوص والصناديق ما عجزوا عن تحقيقه بالمظاهرات والمؤامرات، فهل تسمح لهم بذلك سيادة الرئيس وأنت من خبر الوقوف في وجههم وأفشل مخططاتهم!
يؤكد الرئيس أن “المسيرة سدت الباب أمام المتطرفين والغلاة والعنصريين…” لكن الوطنيين، الذين هبوا باكرا للدفاع عن وحدتنا الوطنية، يعبرون عن مخاوفهم من أن الانتخابات القادمة ستفتح الأبواب واسعة أمام المتطرفين والغلاة والعنصريين… فمن تراه سيادة الرئيس يقف في وجههم ليحفظ المكاسب ويبعد المخاطر؟
ثم تحدث الرئيس عن المستقبل..”البلاد مقبلة على مرحلة جديدة تحتاج فيها لأن تكون موحدة، آمنة ومستقرة…” يسألك الوطنيون، الذين هبوا باكرا للدفاع عن وحدتنا الوطنية: من يقدر على ذلك غيرك، سيادة الرئيس! وأنت الذي خرج الموريتانيون اليوم بكافة أطيافهم تلبية لندائك، وأنت صاحب إستراتيجية الأمن والتنمية التي حفظت بلادنا من الإرهاب، وجمعت حولنا بلدان الساحل…
ويبشر الرئيس بمستقبل زاهر للوطن..”مقبلون على مستقبل مزدهر مع استغلال الغاز ويجب أن نستعد لذلك…” يتعجب الوطنيون الذين هبوا باكرا للدفاع عن وحدتنا الوطنية؛ هل من الاستعداد لذلك تغيير القائد أثناء المعركة مع المتطرفين والغلاة والعنصريين!!!
كانت روسيا يلتسن زاخرة بالنفط والغاز، مثقلة بالديون، تتحكم العصابات في شوارعها والشركات الأجنبية في مواردها.. كان المواطن الروسي يموت من البرد والجوع في وطن مفكك سياسيا واجتماعيا في ظل الدستور والهيئات المنتخبة… كانت الديمقراطية الروسية مثل جمهورية أفلاطون مطبقة على “البؤساء” من طرف “الإخوة كارامازوف”… ثم جاء فلادمير؛ جاسوس وطني، ضابط صغير في KGB، موظف سابق في بلدية سان بيتر سبورغ، فاسترجعت به روسيا عظمتها؛ استعاد الثروة من الشركات الأجنبية، وأخلى الشوارع من العصابات الإجرامية… فهل يقبل الروس اليوم التخلي عن بوتن، بعد أن جربوا يلتسن!!! وهل يفترض فينا أن نجرب “يلتسن” لكي ندرك قيمة محمد ولد عبد العزيز!!!
أن يطالب فرع التنظيم الدولي، وعملاء السفارات، والمتاجرون بالقضايا الوطنية برحيلك أمر متوقع.. فقد وقفت لهم بالمرصاد عشر سنين ترمم ما هدموا، وتبني وطنا طالما نهبوه…أما أن يسمحك لك الوطنيون بالرحيل فتلك خيانة لن ينساها لنا التاريخ…
لقد كانت مسيرة التاسع من يناير 2019 حدثا فارقا في تاريخنا السياسي…
من هنا نبدأ.. بظان احراطين ألكور…