لماذا عبد الناصر بالذات؟.. / الشيخ معاذ سيدي عبد الله
إحياء النقاش حول فكرة (القومية) لا يخدم الوحدة الوطنية..
فهل يعقل أن يكون تجاوز اسم مثل ديگول إلى عبد الناصر أو لنفترض تجاوزه إلى مانديلا أو سانكارا بريئاً؟
كيف ننادي بالوحدة والوطنية ونحن نعيد إلى السطح نقاشا قوميا كاد يعصف ببلدنا منذ 1966 ..
لماذا عبد الناصر بالذات؟
تسمية الشارع على عبد الناصر لم تكن بدافع قومي، بل لأسباب سياسية دعا إليها نضال موريتانيا من أجل الاعتراف والبعد عن دائرة الاستحواذ التي كانت تقودها قوى مجاورة شمالا وجنوباً.. فجمال كان كل شيء في افريقيا الخمسينات والستينات والسبعينات (داعم حركات التحرر، أحد زعماء دول عدم الانحياز، زعيم قومي عربي، افريقي لديه القوة الصناعية والعسكرية والكثافة السكانية.. لقد كان مهما لبلد ناشئ كموريتانيا…
وقد تفهمت النخب السياسية والاجتماعية آذاك ذلك ولم يشكل أي إثارة أو نقاش ..
نعم. ساهم عبد الناصر في تأسيس المدرسة الموريتانية الجديدة، وهي التي تديرها الدولة الموريتانية خلافا لتلك التي كانت تدار من طرف المستعمر.. ساهم بابتعاثه للاساتذة والمعلمين المصرين إلى موريتانيا تماما مثلما فعل الاشقاء من تونس والعراق …
وما زال أرشيف الثانويات ومدرسة تكوين الاساتذة شاهدا على دور هؤلاء المعلمين والاساتذة، بل إن بعضهم نشر مذكراته الحميمية عن موريتانيا وشعبها في السبعينات…
وجمال عبد الناصر هو الذي أمر بفتح المركز الثقافي المصري في نواكشوط حيث ظل قبلة للموريتانيين طلابا وباحثين إلى يومنا هذا..
ولأن الهدف من دعم مصر يومها لموريتانيا لم يكن قوميا فحسب فإن أول وفد موريتاني التقاه عبد الناصر كان يضم في عضويته إحدى شخصياتنا الزنجية الرفيعة والتي كان دورها بارزا في تأسيس الدولة.
إن الوفاء الذي عبرت عنه موريتانيا في قمتها العربية تجاه قادة كالشيخ زايد والشيخ صباح، وذلك باطلاق اسميهما على شارعين مهمين بالعاصمة، هو نفسه الوفاء الذي كان يقف خلف تسمية دولة الاستقلال لبعض شوارعها.. انها السياسة والدبلوماسية بأيقوناتها الدالة.
لذا فليس من الوحدة الوطنية ولا من الوفاء اإسقاط اسم الزعيم جمال عبد الناصر من قائمة الرموز التي تحمل أسماءها شوارعنا.
والحل بسيط : إطلاق وسم (الوحدة الوطنية) على ساحة مجلس الشيوخ المقابلة للرئاسة والتي يجري العمل على تجهيزها..
أو بناء شارع آخر واطلاق وسم (الوحدة الوطنية عليه)..
ما المانع؟..