الدهماء تكتب عن أصدقائها الافتراضيين
للذين شرَّفوني بصداقتهم…
……….
بعيدا عن بذاءات البرلمان، والعقيقة الثانية للشارع الخمسيني، والمراهنات على هوية الرُّبان القادم،.. أنبأني الفيس أن عدد الناقرين على انطباع “j’aime” على صفحتي، بلغ كذا ألفا،.. لا أميل لعرض معلَّبات الفيس الباردة، وآخر المستباحين في ملَّتي سيكون خجلي المرضي من الاطراء،.. اصدقائي يستحقون عليَّ «شُكرًا» بالخط العريض،..
طبعا “ادحستكم “بأن السيده اجيرب هيَّ من دفعتني لخوض عباب الأزرق، سأرشُّ بعض التوابل على تلك الحكاية المُجترة، وأقول إن أخي العزيز الكاتب Endegsaad Hannan Abnu Arbiaa الذي كنت أتبادل وإياه بعض المقالات نصحني أن أفتح حسابا، وترك لي الخيار، فلم تكن له مطامع شخصيَّة مثلها.
بدأتْ منشوراتي “بلايْكيْن” اثنين في الأسبوع، أحدهما منِّي أتَبَرْمَكُ به على نفسي، تشجيعًا لِي على البقاء على قيد الأمل كالسجناء والعاطلين عن العمل.. حتى أطفالي لا يؤشرون على ما أكتبُ، وإن سألتهم يردُّون: « trop compliqué»، .. كنتُ بلا أصدقاء،.. كان رصيدي قاب صديقين أو أدنى،.. وطلبات الصداقة القليلة التي تصلي من عابري السبيل، اخضِعُها للتَّقليب والتَّحري، مِنَّةً، وكأنِّي سأمنح أصاحبها مناصب مُغْريَّة برواتب مُجزية!.. وإن صادف وتكرَّم أحدهم وعلَّق، أتحمس وأطريه فيتوجَّس خيفة ويختفي،..
استيقظَ جداري ذات صبيحة على قرابةِ السَّبعين من طلبات الصداقة!.. انبهرتُ، قلت:«هل أصيب “الفسابكه” بلوثة عقلية؟!»،.. لأكتشف أنَّ عزيزتي النانة لبات الرشيد أوعزتْ الى قُرَّائها بإخراج قُربةٍ، صَدَقَةً من صَدَاقَةٍ لصالِحِي.
جعلنا الأزرق طلقاء اليد واللسان، نكْتال من خزائن الكلمات الجميلة والقبيحة، ننثرها كمَا ومَتَى ما نشاء، أحيانا بِقيْد العقل، وأحيانا بإيقاع عقارب أخلاقٍ صارت الى محاقٍ، تسير عكس الاتجاه، وتمارس حقها في أن تكون كاملة النقص،..
صفحات الفيس بألوان الدنيا وأهوائها: صفحة تفرح وتمرح، وصفحة تفتح جفنها الدَّامع على مريض أو فقيد،.. صفحة تفوح أريجا، وصفحة تتناسخ بوسخ وتجيد تقليب الجمر،.. في “الفيس” أفواه يسَّاقط منها الكلام طيبا جنيا، عِلمًا وفكرا.. وفي “الفيس” ألسنة تمزِّق قشرتها وتنْبعث عَدْوًا وهجاءً،.. تتواكل، تتآكل، تذبح اللغة على نصب الضّياع،.. سوَّاها أصحابها نَخَّاسًا رخيصًا فأبشعوا خَلْقها،… أصدقاء رائعون وأصدقاء تحتيون،…… شجَّع “الفيس” على خلع أبواب الضمائر في رابعة النهار وعلى التَّرجل عنها دون وجل…كتابات، تعليقات، رسائل تنزف طيشا وتتبادل أدوار الركض مع الشيطان في مضمار الأعراض، لكنه بامقابل أسمع صوت ضمائر ثَبَتت على استحسانِ الحَسَنِ واستقباح القبيح في تَجرُّد.
قبل أن أدرك بواطن سرِّ “الفيس”، بدأتُ مشواري بالتَّخصص في شعبة التَّعليقات، أُقحم نفسي في كل الفنون من شوارد الفقه إلى نوازل السياسية إلى علم الذرة،.. ترقيَّتُ لاحقًا، مددتُ يدي وتسوَّرتُ رفوفًا على صفحات أطول من قامتي، فتفاجأتُ بأن القامات الجليلة التي تسندها تتواضع وتناولني من عطفها،.. أَنَختُ بصفحة عزيزي أحمدو شاش ، فتجاهل تعليقات “الدهماء” وكان يسأل “السيده” دومًا “الدهماء ذَ شِنهو” .. واصلتُ معه، أتذوَّق من كتاباته عن “لكصر” ومعالمه وعلمائه، تلهيّتُ بعِراكاته مع خصومه ، فقد أُوتيَّ مخزونا من مُنمْنَمات “التِّكساح” الجاف بالفصحى يندر مثلها،..
انجذبتُ لجدار آخر ثَمِل بالعقل والبلاغة لعزيزي “بشير ولد بياده” وكان غالبا ما يردُّ عليَّ ب:«أخي الكريم » ، إلى أن قرَّرتُ يوما أن أتعصَّب “للنوع” وأصحِّح مسار فهمه. كان بشير أول من تقاسم لي منشورا، وحينها صدَّقتُ عينيَّ بصعوبة.. أتمنى أن تعود صفحته، فقد تركت ظلاما منذ انطفأت،..
أُشذِّبُ تعليقاتي من الشوائب كالتلميذ قبل أن ألصقها على حكاية جمال لأستاذي الجليل ناجي محمد الإمام .. نشر لي مرة تعليقا قصيرا حول البدوي و مفردات التَّحضر، فكذَّبتُ عينيَّ هذه المرة،.. أعلِّقُ بشكل يومي تقريبا على منشورات استاذنا الكبير واعتبر ذلك ابريستيجا، .. أنا من مقاصد زكاة اللغة، وأستاذي يملك منها فوق النِّصاب، أحيانا يصرفُ عليَّ تعليقا من كلمة الى اثنتين من نوع “تم”، “عفاك” لكل عشرين منشورا، هذا القدر المعلوم لا يجزئ من مَسَلَّة لغوية،…
أستاذي Sheikh Bekaye عُمْلة صكَّها التاريخ من أعرق معادنه ،.. كتبتُ مرة عن جدل حول وزيرة سابقة والإمام بداه ولد البصيري، وأن اكَّذاش صحفيا كان مراسلا وقتها للببسي قال…الخ. ،.. مثلا “اكْلامْ حَدْ امْسيَّحْ”، وآخر ما كنتُ أتوقُّع أنَّني سأكون يومًا من أصدقاء العميد على “الفيس”،.. ذات يوم ذكر لي صديق أن تدوينة لي نُشرت على موقع “مورينيوز” الذي لا أعرف لمن يكون،.. فقلت هذا يوم سعدٍ، لأكتشفَ أنه لأستاذي المُعاضد الشيخ بكاي!،.. دلفتُ فورًا الى منشوري السابق الذي “تطرقتُ” له فيه وحذفته، وأنا أكرر “فأغشيناهم فهم لا يبصرون” و أَنْفِثُ في اتجاه العميد،.. وفَّر لي العميد أرضية من التشجيع والتبجيل، مرة تمنحني الثقة، ومرة أقول في سوء نية “أح هذا ألاَّ شمن اتبوزيح قوم الكاف”، .. سلَّمني مفتاح مقامٍ ثابتٍ على موقعه لأكون من آل “مورينيوز”.. شكرا من القلب سيدي العميد..
تعرفتُ مع الوقت على أقلام تكبَّلت بطوق الالتزام، تغرس الهوية وترسم الوطن، شخصيات رزينة هادئة كالتَّبَتُّل،.. شيخي Abdallah I. Altilimity، وأخي أحمدو الأمين الغزالي .. وتعرّفت على بريق أثير اسمه Dhakou Weinhou وتعّرفتُ على بتلات نجوم اكرموني على صفحاتهم نثرا وشعرا ببعض من خصالهم الكريمة التاه اليدالي ، حدو ولد الحسن ، Sidi Mohamed Mohamed ، أحمد صمب أرجيل، .. ومن “لمرابط” الذي تتناغم روحه مع روح الانفتاح الواعي Abdel Kader Ould Mohamed .. استحيتُ من تقاسم ما كتبوا عنِّي، فأنا في هذه تتعرَّق أظافري خجلا أحبَّتي.. تعرفتُ على صديقي العزيز محمد محفوظ أحمد ، الذي لا اتفق وإياه في المشاع من العناوين، وكثيرا ما ندخل حلقات “كاتْشْ-نِقاشْ” ننهيها بالود وتبادل الورد.
تعرّفتُ على كثير من الأسماء الفاضلة ذات الدفع العلمي والخلقي، ستبقى شاخصة في الذاكرة ،.. تحاورتُ معهم، علَّقتُ، ضحكتُ، شاكستُ.. على امتداد شَغفٍ وبضع سنين.. وما زلتُ استدرج معهم الفرح والجمال والتَّأمل بذات الكلمات الافتراضية..
حين يظهر لي رقم عزيزي Mohameden Ahmed Salem أفهم أن عليَّ نتف بعض حشائش الحروف الضَّارة، .. وحين اصطادَ لي شيخي إبراهيم ولد الشيخ سيديا عثراتٍ املائية أصبحتُ أعيد قراءة ورقة الاختبار قبل نشرها، وادعو له بنفاذ الرَّصيد يوم النَّشر.
انتسبتُ “لمحظرتيين فيسيتين” مشهورتين، محظرة الدكتور الشيخ سيدي عبد الله،.. حظرني على اثر جدل ضاق عن حقِّ الاختلاف، ومحظرة السيد حبيب الله ولد احمد، حظرني على إثر: لا شيء!،.. ربما مجرد اجراء وطني عامٍّ، “ماهُ باقينِ نزمكَ مِنُّ”، .. كلّما حاولتُ التَّعكُّز على التَّكبر، تذكَّرتُ أنِّي أحملُ جيبًا من الفضلاتِ النتنة في بطني، فأتراجع!،.. “المحظرة الفيسية” مصطلح من جماليات ابداع العملاق ” اكس”،
……..
كثيرا ما أستخدم مع أصدقائي انطباع “j’adore ” لأنه قمَّة الاعجاب المتاحة الآن، وحين يبتكر “مارك” أحسنَ منه سأستخدمه بإذن الله في حقِّ اصدقائي…
11 تعليقات