في المتحف…/ أحمد فال سيد احمد
ورد في بيان مجلس الوزراء اليوم أن المجلس صادق على “مشروع مرسوم يقضي بتعيين رئيس وأعضاء مجلس إدارة المكتب الوطني للمتاحف”…
وما كنت أعلم قبل ذلك أن لدينا “متاحف” حتى يكون لها “مكتب وطني” يشرف عليها .. حقيقة لا أعرف سوى “المتحف الوطني” الموجود في “دار الثقافة” سابقا..
هذه الفقرة في البيان ذكرتني بزيارة قمت بها للمتحف الوطني منذ سنة ونصف سنة تقريبا .. هذه تفاصيلها..
كنت ذات يوم في طريقي إلى قصر المؤتمرات لحضور فعاليات كانت تقام هناك، لم أعد أذكر ماهي بالضبط ..
ذهبت من المنزل في حدود الساعة العاشرة صباحا، لكنني لم أكد أجتز الطريق الرابط بين الثانويتين العربية والوطنية، مرورا بملعب شيخا ولد بيديا، (ستاد كابيتال علما) ودار الشباب القديمة، حتى داهمتني الذكريات على حين غرة، مع أنني مررت بهذا الطريق قبل ذلك اليوم عدة مرات، ولم تزل بي حتى قيدتني قبالة المتحف الوطني (دار الثقافة)، فقررت العدول عن الفكرة السابقة، وتوجيه البوصلة إليه لزيارته، فقلت لرفيقي يبدو أننا سنكتفي اليوم بزيارة هذا الصرح، ونؤجل “فعاليات المعارضة” إلى حين، فوافق ، بل تحمس لذلك، فهذه أول مرة يزور فيها هذا الجزء من العاصمة أصلا.
دخلنا إلى البهو الرئيسي للمتحف.. كان نظيفا بعض الشيء، وخاليا من الحركة، فأخذنا ذات الشمال إلى حيث توجد “الآثار”.. كانت القطع نظيفة ومرتبة، و إلى جانب كل منها ورقة كتب عليها التعريف بالقطعة وتاريخها وموقعها الأصلي. .. أثار انتباهي “لوح” صغير كتب عليه بخط أحمر رقيق : “بالناصية ناصية كاذبة خاطئة فليدع ناديه سندع الزبانية كلا لا تطعه واسجد واقترب. ..”، فقلت لصديقي : “يبدو أن كاتب هذه الآيات ما اجتهد اعليها حته، بيه ال هذا ال ابدأ بيه ماهو (راص اكلام)”.. وقبل أن أنهي ملاحظتي سمعنا صوتا من الخارج: “السلام عليكم .. انتوم ما تتكلموا. .”، فخرجنا إلى مصدر الصوت، ف وجدناه إحدى الموظفات، سألتها: “هل الدخول ممنوع؟ “، فقالت : لا.. لكن هناك رسوم. فقلت: كم؟ فقالت: 50 أوقية للطلاب و100 لبقية الزوار (المبالغ طبعا بالحساب الأول).. وبما أنه لم يكن عندها “الد;ديك” فقد اكتفت بمائة واحدة، قائلة : “سأعتبركما طالبين”.. ثم أضافت: ممنوع التدخين، ولمس القطع وتصويرها، وهنا تذكرت أن هاتفي “امدشرجي” فوجدت الفرصة سانحة، فأخرجته ووضعته في شاحن كان معي…
صعدنا إلى الطابق العلوي. .. كان هو الآخر نظيفا وباردا بعض الشيء، وحسن التنسيق.. لقد تغير نظامه عن آخر مرة زرتها فيها، كما زادت “أجنحته” قليلا. ..
من الملاحظات التي لفتت انتباهي وجود صور لبعض رجال المقاومة وشيوخ الطرق الصوفية مطبوعة على ورق عادي جدا “A4” ومعلقة على لوحة بسيطة تشبه تلك التي توجد في المدارس الابتدائية، دون تعريف بهم أو احتفاء، وهي صور كنت رأيتها سابقا في كتاب “نزهة الأيام” لمؤلفه همام فال. .. لكن ما أثار دهشتي هو عدم وجود صورة الزعيم والمجاهد محمد المختار ولد الحامد الكنتي مع تلك الصور، رغم مكانته المهمة في تاريخ البلاد ودوره في مقاومة المحتل..
في جانب آلات التدخين” لاحظت أيضا غياب “لعظم”، أقصد عظم الحيوان، فقد كانت هناك سبع “طوبات” إحداها من “سانقو”، وثلاثة “بيوت” و “ازناد و تميشة”، لكن دون “نكشة”… أما الخيمة فكانت من القماش، لكن التعريف الخاص بها مكتوب فيه أنها “تصنع من الصوف”، وهنا قلت لصديقي : “أغلبهم يخوي إجيبو خيمة من لوبر؟ “… بعض القطع مكتوب عليها أنها إهداء من بعض الأشخاص، أما “العلك وتوكه والنبق وتيكفيت وأتيل…” فكتب عليها أنها إهداء من جمعية الأطباء التقليديين، وقد قلت لصديقي: “هذا ظرك ماهو شي إكرو حد افحد، وكاده وزارة الثقافة أكبيل أتمشي فزاعة اتجيب الها ال تبق منه..”..
كان عدد الزوار قليلا جدا، فخلال ساعتين قضيتهما هناك ، في انتظار اكتمال شحن الهاتف طبعا، لم يزر المتحف سوى ستة أشخاص. . وقد أرجعت السبب في ذلك، عندما سألني صديقي، إلى أن وطننا مازال “متحفا مفتوحا”، فحياتنا لم تتطور كثيرا، وأغلب الآلات الموجودة هنا ما زالت تستخدم بكثرة….
لا أدري هل تم استحداث “متاحف” خلال السنة الماضية ، مما يستدعي إنشاء “مكتب وطني” لرعايتها .. أم أنها مجرد طريقة جديدة لـ”نهب” الميزانيات ..
المجلس صادق أيضا على مشروع مرسوم يقضي بإنشاء شركة وطنية تدعي “الشركة الوطنية لأشغال التجريف”… ربما سيتولى أحدهم رئاسة مجلس إدارتها بعد أن يترك منصبه الحالي، خصوصا أنه صرح بامتلاكه “حفارة” وربما تكون عنده “جرافات” لم يعلن عنها .. لا أدري
96 تعليقات