نص الخطاب الذي أعلن به الوزير الأول الاسبق سيدي محمد ولد بوبكر ترشحه للانتخابات الرئاسية
يها الموريتانيون
أيتها الموريتانيات
مواطني الأعزاء
تقف بلادنا اليوم على مفترق طريقين لا ثالث لهما، فإما أن تستمر في التردي في مهاوي الأحكام الفردية وما تحمله من سوء تدبير وتخطيط، وما تكرسه من غَبن وفقر وتفرِقة، وإما أن تتجه نحو بناء دولة القانون والمواطنة والعدل والنماء.
مواطني الأعزاء،
إنني أتوجه إليكم في هذه اللحظة الفارقة من تاريخ بلدنا، وكلي ثقة بأنكم تشاطرونني المرارة اتجاه الأوضاع المزرية التي تعيشها بلادنا، كما تشاطرونني العزيمة والأمل في فتح آفاق جديدة، يتنفس فيها المواطن نسيم التقدير والمساواة والكرامة، وينعم فيها بخيرات بلده الوفيرة، ويطمئن فيها للعدل والإنصاف، ويحس فيها بالاعتزاز لانتمائه لبلد يضمن له حقوقه، ويجد فيه ذاته.
إنه من المؤلم حقا أن نرى دولا وشعوبا من حولنا أقلَّ مقدراتٍ منا تبني وتتقدم، بينما نراوح نحن مكاننا في دائرة التأخر والفقر وسوء الحكامة.
إن شعبنا يختزن من قوة الإيمان، ومن رصيد الحضارة والقيم ما يؤهله لأن يتوق إلى العلا، وأن يطمح إلى تبوئ مكانة مرموقة بين الإخوة والأشقاء. كما أن بلادنا تزخر بالخيرات والخِبرات التي إذا ما أحسن تدبيرها يمكنها إسعاد جميع مواطنيها.
لقد خطت موريتانيا خلال المرحلة الانتقالية2005 -2007 خطوات هامة، وعبر إجماع وطني غير مسبوق، على طريق إرساء ديمقراطية حقيقية، وانتهاج حكامة رشيدة، وحل القضايا المتعلقة بالوحدة الوطنية. إلا أن هذا المسار سُرعان ما تم الالتفاف عليه من طرف من يحاولون اليوم أن يغرسوا في أذهاننا الاستسلام واليأس والعجز، وأن يوهمونا بأن طريق التغيير مسدود.
مواطني الأعزاء،
لقد خدمت بلدي من مواقع عديدة مكنتني من اكتساب تجرِبة معتبرة ساهمتُ من خلالها بصدق وإخلاص في إدارة أزمات مصيرية، وإنجاز إصلاحات جوهرية. وقد قررت، متكلا على الله العلي القدير، ومعولا عليكم لما أتقاسمه معكم من تطلعات عميقة نحو مستقبل أفضل لوطننا، قررت أن أعلن ترشحي لرئاسة الجمهورية، وأن أضع تجرِبتي وخِبرتي وكل ما لدي من إمكانات في خدمة شعبي ووطني.
مواطني الأعزاء،
إنني أمد يد العهد والوفاء إليكم جميعا.. إلى أولئك الذين أحيي فيهم روح الوطنية والتضحية حيث ناضلوا وما زالوا يناضلون من أجل الدفاع عن مصالح هذا الشعب ورفعة هذا الوطن.. إلى الشباب الذين سدت أمامهم أبواب الأمل مع غياب التعليم الناجع وفرص العمل المناسبة.. إلى النساء المربيات لأجيالنا الطامحات إلى تبوء المكانة اللائقة بهن في مجتمع الرقي والبناء.. إلى أولئك الذين عانوا ومازالوا يعانون من العبودية ومخلفاتها.. إلى كل من يعيشون مرارة الظلم والتهميش والغَبن.. إلى من اكتووا بنار المظالم التي خلفت إرثا إنسانيا لا ينبغي التمادي في السكوت عنه.. إلى من أثقلت كواهلهم الضرائب المجحفة والأسعار الملتهبة.. إلى المنمين والمزارعين الذين نفقت مواشيهم وتدنت محاصيلهم بسبب إهمال الدولة وتجاهلها لمآسيهم.. إلى من يئنون ويقضون على أبواب المصحات والمستشفيات بسبب الأدوية المزورة ورداءة الخدمات وغلائها.. إلى الموظفين والعمال والمتقاعدين الذين تتراجع قدراتهم الشرائية بفعل تدني الأجور وغلاء المعيشة.. إلى من يؤرقهم الخوف على أرواحهم وممتلكاتهم وشرف بناتهم بسبب انعدام الأمن وانتشار الحِرابة والجريمة.. إلى قواتنا المسلحة وقوات أمننا الأشاوس، حماةِ وطننا المرابطين على ثغورنا.. إلى أبنائنا الذين أرغمهم ضيق الحال وشظف العيش على الغربة والابتعاد عن الأهل والوطن.
مواطني الأعزاء،
ليست الوضعية المزرية التي تعيشها بلادنا قدرا محتوما، بل هي واقع فرض على شعبنا، ونحن من سيغيره بإذن الله، بفضل تضامننا والتفافنا حول الخيار الأفضل، الخيار الذي أدعوكم إليه من أجل بناء موريتانيا التي نطمح إليها والتي تسعنا جميعا.. موريتانيا العصرية المتأصلة في تراثها الإسلامي السمح وفي حضارتها العربية الإفريقية الثرية.. موريتانيا المحكومة بدولة القانون والمؤسسات.. موريتانيا الغيورة على استقلالها وسيادتها.. موريتانيا التي تستمر في بناء جيش جمهوري قوي ومهاب.. موريتانيا العدل والأخوة والمساواة.. موريتانيا الوفاق والتسامح والتعاضد.. موريتانيا التي تكفكف دموع المظلومين وتضمد جراح المكلومين.. موريتانيا التي تضمن التعليم والصحة والرياضة وفرص الشغل وتهتم بالشباب، وتبني المدرسة الجمهورية التي تحتضن جميع أبنائها.. موريتانيا التي تعتني بالمواطنين وتوفر لهم الاحترام وظروف العيش الكريم.. موريتانيا التي تحسن من ظروف العمال والموظفين والمتقاعدين، وتولي عناية خاصة للمدرسين والأطباء والممرضين، وتضاعف الرواتب وترفع الحد الأدنى للأجور.. موريتانيا التي تضمن شفافية ثرواتها الطبيعية والاستخراجية واستفادة مواطنيها من عائداتها خاصة ثروة الغاز الواعدة.. موريتانيا التي تعطي المرأة حقوقها وتشركها في مراكز القرار.. موريتانيا التي ترفع من شأن العالم الريفي وتثمن منتجاته.. وتعتني بتراثها وصناعاتها التقليدية.. موريتانيا التي تحمي جالياتها في الخارج وتوفر لهم ظروف العودة والاستثمار في وطنهم.. موريتانيا التي تضمن التنمية المتوازنة، وتمارس التمييز الإيجابي، وتوزع الخيرات بعدل وإنصاف.
مواطني الأعزاء،
ليست موريتانيا غنيمة تتوارث، وليس شعبها خولا يمتهن وتتحكم في مصيره إرادة فرد أو جماعة. لقد آن الأوان لأن نخرج من ربقة الأحكام الفردية وتحكم المصالح الضيقة. إنني أدعوكم، وكلي ثقة بالنصر، إلى تكاتف الإرادات الراسخة والنيات الصادقة والجهود المثمرة، من أجل هبة وطنية شاملة وقودها الغيرة على الوطن والوعي بالمسؤولية المشتركة اتجاه واقع شعبنا ومستقبل أجيالنا الصاعدة. إن الظرف التاريخي الراهن يشكل فرصة سانحة لإحداث تغيير مبارك ستنتصر من خلاله إرادة هذا الشعب وتتحقق آماله. إنه موعد مع التاريخ سينقشع فيه ليل اليأس والخوف والجمود وسيشرق فيه صبح الأمل والخير والنصر بإذن الله.
وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (صدق الله العظيم).
97 تعليقات