لماذا قطاع الشؤون الإسلامية هو الأكثر فوضى وفسادا؟!/ محمد محفوظ أحمد
سمعت من العلامة محمد ولد سيدي يحيى ـ حفظه الله ـ حديثا صحيحا شيقا، كعادته، فيه توصيف دقيق لحالة الفوضى التي عمت مجال المحاظر والمساجد وباتت تعيث فيه فسادا وإفسادا…
ومما أتذكر منه قوله إن الواحد منهم [تبتابة المحاظر] بات يكتري أو يستعير الألواح ليظهر أن لديه محظرة من العدم!
وفعلا فإن سجل قطاع المحاظر في الشؤون الإسلامية بات عامرا بالمحاظر الوهمية.
ولوحات “المحاظر” وإعلاناتها في الشوارع لا يضاهيها كثرة ولا بروزا إلا إعلانات الرقية الشرعية من العين والسحر وكل مكروه، وجلب كل مرغوب.
وليس كل ذلك ـ غالبا ـ إلا احتيالا وادعاء، أو تجارة ربح في أحسن الأحوال!
*
ولتنظروا إلى هذا التكاثر و”التضارر” في المساجد، والعشوائية والرداءة في بنائها دون مرافق ولا تجهيز ولا تنظيف ولا صيانة، ولا حتى إمامة… والفوضى الخطيرة في توزيعها المكاني وتناقضها الزماني المخل بعمارتها ومواقيت صلواتها…
فقد تضافر الجهل والجشع على “سمسرة” البناء الاسمنتي للمساجد، جدرانا مهجورة؛ بعضها بتر بناؤه، وأكثرها بني في شوارع وساحات “مـﮔـژورة” (مغتصبة) وبعضها ضرارا، متكدسا جنبا بجنب؛ بينما توجد أحياء كثيرة في نفس المدينة بلا مساجد، أو قليلة المساجد…
أما عمارة المساجد وخدمتها؛ من مرافق طهارة وماء وإنارة وفرش وتجهيز وقيام وتبريد… فقد حذفوها مما يجمعون وما يعطون، رغم أنها آكد من بناء الجُدُر!
**
منذ فترة تتردد ضجة عن رفض “دكاترة الشريعة” اكتتاب شيخ المحظرة “المشهور” للتدريس الجامعي بنفس الدرجة.
والحقيقة أن هذا الاعتراض الذي يبدو كأنه في غير محله، له ما يبرره؛ حيث أنه سيكون، في ظل الفوضى والمحاباة والفساد، مدخلا لاكتتاب أي شخص بلحية وعمامة على أنه شيخ محظرة شاملة أو من “مشاهير العلماء” على حد التعبير الفضفاض المرسل لقانون الوزارة المثير للجدل!
نعلم أن كثيرا من دكاترة الشريعة يتكئون على “شهاداتهم” ويتوكأون على إفاداتهم… ولو كانت من الورق والأختام فقط… بل نعرف شهادات في الشريعة انبَنَت مع الأسف على التزوير؛ لأن أصحابها بلا علم ولا أهلية؛ ومنهم من نالها بتقديم بحوث واطروحات مغشوشة أو منتحلة انتحالا؛ من الفضاء الرقمي، أو من جهود وبحوث “طلابه”…!
ونعلم أيضا أن العالم المحظري المتبحر أو المشهور بالعلم، حقا لا إشاعة، قد يستنكف عن طاعة الوزارة، ويرغب إلى الله عن فُتاتها والخضوع لإملاءاتها البيروقراطية وإكراهاتها السياسية الدعائية…
*
ولكن نظرا لما اشتهر به قطاع الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي ـ ويا للمفارقة الكارثية ـ من الفساد والفوضى والمحاباة والضعف المهني، فإن أي نقص في الضوابط الإدارية والمعايير العلمية، سيكون بمثابة وقود لمزيد من الفساد والتشويه والتدمير لأهم قيم هذا المجتمع ومقوماته الثقافية والروحية، ألا وهو التعليم الديني والثقافة الإسلامية!
تعليق واحد