معولومات هامة عن منجم أوراش ب”اكجوجت” (محمد السالك ابراهيم)
بالتوازي مع مشروع ميفرما، الذي كان يركز بشكل أساسي على تعدين الحديد، أنشأ الفرنسيون شركة تعدين النحاس الموريتانية المعروفة بـ ميكيما (MICUMA) في أكجوجت، حيث تأسست سنة 1953.
في ذلك الوقت، كان السكان المحليون يطلقون على المستكشفين تسمية “الشَّيْمامَه”، وهو تعبير محلي عن غرابة عمل تلك الفرق الخاصة بالتنقيب.. إنهم رجال يحفرون في باطن الأرض وأغوار الجبال بحثا عن رواسب خامات معدنية ذات قيمة تجارية كبيرة، لا يدرك الأهالي غالبا قيمتها الحقيقية.
تم توزيع رأس مال شركة ميكيما تقريبًا مثل سابقتها ميفرما، حيث حصلت مجموعة “روتشيلد” على حصة الأسد حوالي 25 ٪ كما حصل منافسها الرئيسي وهو البنك الفرنسي باريباس PARIBAS الذي أنشئ سنة 1872 كمحاولة للحد من هيمنة عائلة روتشيلد على إصدارات السندات الحكومية، ولتغطية دفع تعويضات الحرب المستحقة على فرنسا لصالح الإمبراطورية الألمانية بعد حرب سنة 1870.
بينما وُزع باقي رأس مال شركة ميكيما بين الدولة الفرنسية من خلال مكتب أبحاث الجيولوجيا والتعدين (BRGM) والصندوق المركزي للتعاون الاقتصادي (CCCE) ، الذي كان أحد أسلاف الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD) وهي الهيئة الحالية، حيث كان الجنرال ديغول قد بادر سنة 1941 خلال الحرب العالمية الثانية، إلى إنشاء الصندوق المركزي لفرنسا الحرة (CCFL) في لندن، الذي كان يتلقى جزء من تمويله عن طريق بيع كميات كبيرة من الأسماك الموريتانية التي تصدرها منذ سنة 1919 من انواذيبو الشركة الصناعية للصيد الكبير، المعروفة بـ Société Industrielle de la Grande Pêche (SIGP) ، والتي كان مديرها المنتدب هو السيد بيير غيوم مانويل باريس Pierre Guillaume Manuel Barris.
وبسرعة كبيرة، تمددت منطقة نفوذ الصندوق المركزي لفرنسا الحرة CCFL، إلى الخارج وأفريقيا بشكل خاص، تحت اسم الصندوق المركزي لأقاليم فرنسا ما وراء البحار ( (CCFOM، حيث كانت تلك المؤسسة المالية تضم في نفس الوقت خزينة عامة، وبنكًا مركزيا وبنكا للتنمية في المناطق الخاضعة للنفوذ الفرنسي. وبعد استقلال معظم الأقاليم، تحولت CCFOM إلى CCCE، ثم أدمجت معها CCFL في كيان واحد أصبح يسمى وكالة التنمية الفرنسية (AFD) منذ سنة 1998.
في وقت لاحق، تم بيع شركة ميكيما لمجموعة أمريكية كندية قامت ببيعها إلى “الشركة الأنجلو أمريكية” المملوكة لمجموعة أوبنهايمر (عائلة يهودية أشكنازية ثرية من أصل ألماني) التي تأسست سنة 1917 من طرف السيد إرنست أوبنهايمر (1880-1957) الذي هو مؤسس مجموعة التعدين الجنوب إفريقية أنجلو أمريكان، وهو جَدُ السيد نيكي أوبنهايمر، الرئيس الحالي لشركة دي بيرز (الأولى عالميا في مجال الألماس). وبعد استيلاء الجد إرنست أوبنهايمر على شركة “دي بيرز” في عام 1929، سيطرت هذه العائلة على مناجم النحاس في روديسيا بجنوب إفريقيا من خلال فرعها “الميثاق الموحد” Charter Consolidated، الذي أنشأه سيسيل رودس، الذي هو أيضا مؤسس “الشركة البريطانية لجنوب أفريقيا”، وهو كذلك المستعمر الذي فرض اسمه لاحقًا على إقليم “روديسيا”، وهي تسمية استعمارية تشير حاليًا إلى دولتي زامبيا وزيمبابوي.
شركة الميثاق الموحد أو Charter Consolidated تقاسمت مع شركائها، بما في ذلك عائلة روتشيلد، رأس مال شركة سوميما SOMIMA التي تأسست سنة 1967 في موريتانيا من أجل الاستغلال الفعلي لخامات الذهب والنحاس في أكجوجت، بمشاركة مالية للدولة الموريتانية هذه المرة، تولى دفعها صندوق CCCE سلفة مقدمة.
وفيما بعد، تقاسمت مجموعة “روتشيلد”، عبر فرعهاSAGA ، شركة الخدمات الناشئة المسماة ساما SAMMA مناصفة مع MIFERMA. كما دأبت نفس مجموعة “روتشيلد” على امتلاك أسهم في العديد من الشركات الأخرى في موريتانيا، بما في ذلك الراحلة SONIMEX.