الأدوية المزورة؛ أرباح على حساب الأرواح! / محمد سالم حبيب
من تابع معركة لي الأذرع، بين وزير الصحة، وأباطرة موردي الأدوية وأصحاب الصيدليات؛ يدرك كم هو صعب على هذا المجتمع تقبل روح القوانين، بله تطبيقها.
فكيف بوزير لم يزد، وأن فعَّل نصوصا قانونية كانت موجودة قبله، ورأى أن روح الإصلاح بهذا القطاع الحيوي، الذي يمس الحياة اليومية للمواطن، والمسمى بالصحة، ينبغي أن تنطلق من هذه المرحلة؟
لأنه مادامت النصوص معطلة، فسيصبح حينئذ الحديث عن أي إصلاح، نوعا من الهراء.
والغريب أن الكثير من ممتهني هذا المرفق والذين أقاموا الدنيا ولم يقعدوها، على هذه الاجراءات المتخذة، من أكثر من يتظاهر بالتدين، مما يذكرنا بما في الأثر عن عمربن الخطاب رضي الله عنه حين يقول:(جربوهم أي الناس بالدراهم والدنانير ولاتجربوهم بالصوم والصلاة فإنهما عباداتان يلزمهما البر والفاجر).
لقد كنز مزورو الأدوية الأموال الطائلة، ولكنها-للأسف- أموال تم جمعها، بعد أن أيموا نسوانا، ويتموا صبيانا صغارا، عزاء هؤلاء وأولئك دموع غزار، وقلوب تعتصر ألما وندما على فقد أحبة، ووروا الثرى، بدم بارد، وسموم قاتلة.
دون أن يعير هؤلاء أي اهتمام لمصير ضحاياهم.
ومما يزيد الطين بلة، ويدل على تعود هؤلاء على الاستهتار، بحياة المواطن، هو وضعهم لأقنعة من فولاذ، حين حاول هؤلاء القتلة الخروج في مسيرات للتنديد بهذه الاجراءات(الإصلاحات)، لشعورهم بأن مصالحهم بدأت تهدد، لكن مخلصنا سعادة الوزير كان لهم بالمرصاد، حيث رد لهم الصاع صاعين، إذ أصدر تعليماته إلى مفتشية الوزارة، بتسجيل أسماء من يشارك في هذا الحراك، وذلك لسحب ترخيصه، وإلى الأبد.
لله درك من وزير!
هكذا يجب أن تكون ردات فعل المسؤولين، حين تكون المصالح العامة، نصب أعينهم، في كل إجراء يُقام به.
أضف إلى ما سبق أن صاحبنا، لاشك سيكسب الرهان في معركته هذه، إذ أن عوامل عديدة تشفع له، من إرادة سياسية يتكئ عليها، وماض مشرف ومشرق، ورأي عام يعززه ويسانده في كل خطواته المباركة، رأي عام لايستهان به، ويرسل رسائل هو الآخر، مفادها أن هذا الشعب “شب عن الطوق”، وملَّ المفسدين، وسيساند كل من توجهه المصلحة العامة لتغيير الواقع نحو الأحسن.
لكن من جهة أخرى لن يفوتنا صعوبة الوجه الآخر لمثل هذا العمل، ذلك أن مصلحي هذا الزمن، صاروا نشازا في هذا المجتمع، وأصحابه كالقابضين على الجمر. لكن مع وجود إرادة التغيير، في ظل الاختصاص بمثل هذه الملفات؛ فلاشيء مستحيل.
أخيرا؛
فإن ما يقوم به السيد وزير الصحة، يجعل هيبة الدولة على المحك، فإما إصلاح شامل، يمس جميع القطاعات، يكون لمرفق الصحة قصب السبق فيه، أو- لاقدر الله- فوضى عارمة هي الأخرى.
فوضى تبدد آخر ماتبقى من حلم المواطن ودولة المواطنة.