هرب…../عبد الله حرمه
اعرف شخصا واحدا على الاقل افضى الي برغبته في الهروب من دنيا ارتياد المصالح العمومية والانضمام لمرتادي الفيافي ومجايلة شلالات الكثبان..كل ذلك بسبب وحيد وتافه ولكنه عظيم ومهول عنده وهو سوء اخلاق ونزق الموظف العمومي والخصوصي في الوزارات والمصالح والشركات و السكرتاريات والبنوك وكل المصالح دون استثناء والمستشفيات والمدارس وحتى اصحاب المهن والحرف واجراء الدكاكين وحتى باعة النعناع والبيض المسلوق …
الجميع اخلاقه في العمل تكبس على الانفاس ويتمنى امامها هذا الصديق الهادىء الوقور ان يخرج عن طوره ويضرب صاحبها ضربا تقول منه الهامة اسقوني..
لاشك ان في الامر مبالغة فنحن نبالغ كثيرا عند الغضب ومع ذلك لا تخلو مصلحة او ادارة لدينا من ذلك الموظف سيء الصيت عديم الاخلاق يرمى بشرر لاتعرف هل هو موظف مكلف بخدمة ام هو قيم سجن متحجر القلب..كلما خاطبه مسلم في شان يبتغيه امتقعت سحنته ونهره وعطل مصالحه او وضع عصيا كثيرة في دولاب حظه..
اتذكر ادارة حيوية من ادارات الدولة الهامة قذفتني اليها صروف قضاء الشؤون اياما ليس بها من شخص نشيط وموجود سوى صانع الشاي وحده هو الذي يحل محل الاستعلامات ويعطيك معلومات عن برنامج الموظفين ويحدد المواعيد نعم معه موظفة من اللواتي يدمن على النعاس يواصلن التثاؤب في كسل وكانت تجلس معه في مكتبه الذي هو محل تجاري في الواقع وتترك له فرصة الاجابة عن اي تساؤل قد يخطر على بال الزوار امثالي..وبعد زمن من ارتشاف شاي الانتظار وتامل رفوف الحلويات وعلب السردين جاءت امراة مرهقة الملامح يظهر انها لفت الكثير من الادارات قبل ان تستولدها ورقة مختومة ابرزتها على استحياء وسالت عن وجهتها ومن المسؤول الذي يستلمها ؟هنا تبرع البواب طبعا بالاجابة وقال ان مدير شؤون كذا الذي لم يحضر اليوم هو من تتوجه اليه ولكن سكرتير مدير اخر يستلم بريده..انه هناك وراء ثاني باب الى يسار المدخل ..انصرفت المراة على عجل تجر عجلتها فجاة قالت ملكة الكسل وهي مستريحة :دعك منها هذه الورقة اتسلمها انا ولكن صاحبتها ستطير انتظر حتى تمل من تسرعها !!
بعض مدراء المصالح يصيبهم التعيين بسهم التعالي على خلق الله والغطرسة الزاءدة والتي تزول الى تواضع كريم عند الاعفاء طبعا وقد شاهدت مديرا يغلق باب مكتبه لساعات لايستقبل فيها الا الاعيان والاصدقاء وكبار الناس فاذا تجمع حشد من مساكين وضعتهم الدولة تحت امرته شرع بابه وادخلهم جميعا واوقفهم امامه واخذ يسالهم واحدا واحدا عن حاجاتهم..فاذا طلب احدهم النقل الى مقر عمل جديد سدد اليه نظرة صقر وطرده على الفور وقد يطلب الاخر حل اشكال سببه المدير نفسه فينهال عليه تقريعا ويوزع على البقية عبارات الافحام ويتهم البعض بالبلاهة وافضل ما يفعل ان ينصف امراة جميلة فيامر بتلبية رغبتها ورد حقوقها.
اصعب موقف اخلاقي سمعته من قريب كانت امه العجوز محجوزة في المستشفى ولانها في مركز الانعاش كانت وراء باب مغلق ملفوفة بالغيب مع الغيبوبة ولاينعش ذكراها سوى وصفات متوالية وفاتورات سداد في الليلة التي توفيت فيها تسارعت حدة تلك الوصفات وبدت عبثية وساخرة استفسر الرجل عن صحة امه والغرض من ادوية تم طلبها مرتين في نفس الوقت ! لكن الممرضة النحيفة ذات الوجه الطويل لم تكن مستعدة لاضاعة وقتها معه فاخذت الادوية وغابت في الصمت وبعد ساعة احضرت وصفة اخرى وماكاد يحضر الدواء حتى لقيها تنتظره عند الباب قالت له بحزم :عد الى الصيدلية فرد اليهم الدواء ويعطونك مالك…لقد توفيت مريضتك!
من المؤكد اننا بحاجة لموظفين احسن خلقا واوسع باعا ولا شك اننا نلاحظ ان التواجد في مكان العمل يعكر المزاج وقد بت على الدوام الاحظ ان اخلاقي تكون في اردىء حالاتها عند مزاولتي لعملي واجد كما يجد الكثيرون ان الابتسام في وجه الاخر هناك اصعب من نشر الاموات ولكننا مجبرون على التحمل والنظر الى الناس بعين تحولهم من اوغاد الى بشر لهم حقوق ونحن في خدمتهم