canlı casino siteleri casino siteleri 1xbet giriş casino sex hikayeleri oku
آراءموضوعات رئيسية

سدوم و ديمي و نزار …./ ذاكو وينهو

يقول ابن رشيق : (الموسيقى حلة الشعر فإن لم يلبسها طويت)…
وتستعين فرق العمل اليدوي المجهد بالغناء ، يزودها بقدرة غريبة على مواصلة الأعمال الشاقة ، فتراهم يغنون ، و يعرقون ، و نشاطهم يتواصل في ذات الوقت ، و ليس غريبا أن يشتق اسم فرق العمل اليدوي هذه باللغة الفرنسية من فعل غنى ، chantier , chanter ….
ويظل الشعر نصا صامتا مستعصيا على كثير من الناس…بعيدا عن الجمهور ما دام حروفا تفترش ورقا…

الشعر صعب وطويل سلمه….لكن قراءته أصعب…الشعر من عوامل التراتبية الثقافية في المجتمع العربي القديم “الشاعر نبي قومه….” هو الذائد عن حياضهم و الذاب عن شرفهم….هو المفشي في الآفاق فضائلهم و مناقبهم و أيامهم.. هو بنية فوقية في هرم الطبقية المكتسبة…
ويكون الشعر أحيانا كثيرة مجرد نشاط ترفي يرسخ ارستقراطية الفن …تتعاطاه النخب بعيدا عن فضول العامة ومن لا يفهمون الشعر ولا يتذوقونه .. وهو بعد ذلك في عصور متأخرة وفي مواقع أقل شرفا السلاح الذي يستخدمه أهل النفوذ ضد بعضهم في الصراعات السياسية والقبلية والمذهبية …
وحين احتاج الناس في هذه الأيام إلى الترويج والدعاية بحكم الحياة السياسية الجديدة والمقتنيات التجارية المتنوعة لم يكتفوا بالكلمة وحدها لأن ألقها وحرارتها يستنجدان بالغناء فينتبه إليها الجمهور ويستعذبها ويتلقفها وتنتشر في كل وسط……..
دخل شعر نزار قباني بيوت الموريتانيين عن طريق الثنائي الفني اللامع “سدوم ولد أيده وديمي بنت آبه ” رحمها الله ، موضوع أثارته أستاذتنا الدكتورة باته بنت البراء و سافرنا معها في رحلة أدبية تاريخية آسرة و شيقة …
دخلت أروع قصائد نزار قباني الأكواخ المتناثرة على ضفاف الأنهار والبحيرات والحقول…..و الخيام المترامية على السهول وفي منحنيات الكثبان الرملية الكبيرة تصد قوة الزعازع بعزيمة لا تفتر عن رفض الانبطاح…و الأعرشة الذائبة بين أحضان النخيل …و مراكب الصيد التقليدية وهي تصارع الموج العاتي الثائر من أعماق الأطلسي …في القصور والفلل…في كل مكان من أرض موريتانيا…
..في التاكسي….في المعمل….في ورشة البناء….في استندر..في السوق….في المكتب…..الخ…
الغناء هو أروع مطايا الشعر و أسرعها وصولا إلى المتلقي ، وأمضى شياطينه تغلغلا في الجمهور…الغناء هو حامل الشعر إلى الناس كافة ، إلى المثقفين ، إلى الطبقات التي لا حظ لها من ثقافة …إلى الأميين المنتشرين بعيدا عن الحضارة والكتاب…تشقى بهم الصحراء وبطون الأودية وقمم الجبال في هذه الأرض المسافرة في امتداد لا نهاية له ، ولا يثني صلابتهم سوى الغناء يصرعهم فيرقون ويبكون …
أي قيمة لكلمات أناشيد الأمم معزولة عن النغم ؟ مهما بلغت الكلمات من الرقة والجمال والروعة والجزالة فإنها تبقى باهتة حائرة حتى تركب الصوت العذب وتخبو بها ركائبه تحطم السدود والحواجز لتشعل في القلوب قبسا من عشق و جمال وتزرع في النفوس طاقة من رقة وهيام ؟؟؟ كيف كنا نؤدي قصائد المديح ؟؟؟. كيف كانت عجائزنا تقرأ سورة الملك وسورة الواقعة ؟؟؟
أكاد أجزم أن تلك القصائد الجميلة لنزار قباني والجارية اليوم على كل لسان لم يقرأها من يرددها ويستعذبها في كتاب ولا ديوان شعري…- وأينا القارئ؟-
الصوت العذب الساحر المتدفق عاشقا و معشوقا من حنجرتي “سدوم وديمي” وحده من نشر شعر نزار قباني في هذه الأرض البعيدة من الشام ……وما كان دورهما دون دور محمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وغيرهما من عمالقة الغناء في الشرق العربي…لكن الفرق شاسع بين من نشره مجانا لم تسمح له طبيعته الصحراوية بالتفكير في المتاجرة بالصوت والاحتفاظ بحق النشر و التوزيع ….وبين من نشر ذلك الشعر بصفقات فيها المال والأرباح و حقوق النشر …وفيها الرأي أحيانا كما فعل عبد الحليم حافظ في “قارئة الفنجان” فقد أبدل بعض كلمات نزار قباني بكلمات رأى أنها أنسب للإيقاع والنغم ” فعبارة نزار الأصلية هي : يا ولدي قد مات شهيدا من مات على دين المحبوب ، لكن عبد الحليم حافظ حذف (على دين المحبوب ) و أبدلها ب فداء للمحبوب ) وأقنع نزارا بذلك ، وجاءت أكثر انسجاما مع الإيقاع ، فتقاسيم الوجه بإشباع المد بالألف (فداء) وطريقة فتح فم المغني تصبح أكثر تعبيرا من المد بالياء الذي فيه انكسار (دين)…
في أحاديثه ومقابلاته اعترف نزار قباني بفضل الفنانين المصريين عليه وعلى شعره….فكما انتفعوا بقيمة الكلمات انتفعت الكلمات بهم ..روجتهم وروجوها لأن النغم هو من أوصلها إلى الشعوب العربية كلها…وهذا ما لا يوفره الكتاب ولا الديوان الشعري…والأسباب كثيرة ومتشابكة منها ندرة الكتاب وتكاليف النشر ومنها وهذا هو الأخطر قلة القراء وندرة من يفهم النصوص من القراء…
في بلادنا رغم الزلزال الفني الذي أحدثه شعر الرجل ، كشفه للمستور من حياة الناس خصوصا في الحياة العاطفية للرجل والمرأة ، ودخوله إلى غرف النوم وحديثه عن الحياة فيها ، نشره ثقافة العشق ، كلامه بلسان المرأة وبث كل همومها العاطفية …ثم تزامن شعره السياسي مع ذروة المد القومي ونبض الشارع العربي بالقضايا الكبرى للأمة وثوابتها ما كان ذلك كافيا لإظهار القيمة الحقيقية لهذا الشعر لولا الفنانان العظيمان “سدوم وديمي” و هما يرسلانه في أعذب مقامات الطرب وأشدها حماسا وإثارة للشوق والرقة وإيقاظا للعواطف…وتدفق الصوت مكتسحا كل شبر وكل خيمة وكل بيت وكل عريش…تحدى حراس القصور وتغلغل في أعمقها وأبعدها عن ولوج الناس….
تمر بالورشات ، بالمصانع ، بالمتاجر…وترى العمال اليدويين في حر الشمس وضيق ذات اليد يسندون مسجلا عتيقا على حجر يغني :
يا ابنة العم والهوى أموي @ كيف أخفي الهوى وكيف أبين @
وغير بعيد نسوة يشتغلن بغربلة التبغ وتوزيعه صررا كدحا شريفا لتحصيل قوتهن يتمايلن على صوت ديمي تردد :
أيظن أني لعبة بيديه @ أنا لا أفكر في الرجوع إليه @
ونسيت حقدي كله في لحظة @ من قال إني قد حقدت عليه @
كم قلت إني غير عائدة له @ ورجعت ما أحلى الرجوع إليه @
الموريتانيون كلهم مدينون لهذين الفنانين اللامعين بانتشار هذا الشعر الذي أثر كثيرا في الشعراء الشباب لغة و قاموسا ، و بنى ، وصورا….إنا بحاجة إلى أن نتكلم عن أنفسنا ، ألم يأن لنا أن نتخلص من عقدة عصمة المشارقة و حقهم المطلق في قيادة قاطرة الثقافة العربية الإسلامية…؟؟؟!!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى