إرحمونا يرحمكم الله/ محمد جميل منصور
تأخرت في قراءة الورقة التي كتبها الشيخ عبد الرحمن آل حدن في ست حلقات حول الوحدة الوطنية كما تأخرت في قراءة ورقة الشيخ محمد الأمين ولد مزيد حول الحقوقيين وبكل صراحة ومع الاحتفاظ بالمكانة والفضل للشيخين استحسنت ورقة الشيخ عبد الرحمن واستهجنت ورقة الشيخ محمد الأمين ولعل في الملاحظات التالية بيانا لذلك؛
1 – نحت حلقات الشيخ عبد الرحمن منحى دعويا إصلاحيا سواء في تقديمها أو تشخيصها أو حلولها وكان واضحا أن صاحبها يحس بمشكلة ويشعر بمظلمة ويخاف استغلالا ويبحث عن مخارج وحلول، ومع ذلك لم تخل ورقة المهموم بالمسألة الوطنية منذ زمن الشيخ عبد الرحمن من ملاحظات لعل أبرزها الخوف من ذكر ظاهرة الاسترقاق – مع وجود الإشارة إليها – وإعطائها ما تستحق تعرية ونقدا وقطيعة.
2 – اتجهت ورقة الشيخ محمد الأمين في اتجاه الاتهام والمحاكمة لمن وصفهم بالحقوقيين الإسلاميين الذين يمارسون الغش والكتمان والتغرير والتدليس!!! كل ذلك مع نفس يتجاهل المشاكل والمظالم المطروحة.
3 – لخص الشيخ محمد الأمين عريضة اتهاماته في :
– الموقف السلبي من اللغة العربية ورفض تعريب الادارة والتعليم وأجمله قائلا ” وظهر أفراد ينتمون إلى الاسلاميين يتبنون موقف فرنسا وموقف عملاء فرنسا من اللغة العربية واللغة الفرنسية ”
– شيوع أفكار مثل إنكار حدي الرجم والردة والتساهل مع ولد امخيطير وأن النضال من أجل الحرية مقدم على النضال من إجل الشريعة.
– الاستغناء باللون والعرق عن الكفاءة والأمانة وذلك ب ” تعيين من لا كفاءة له في مواقع مهمة لمجرد اللون والعرق والشريحة”
4 – بدا لي الشيخ محمد الأمين مبالغا ومتجاوزا في هذه العريضة، أما موضوع اللغة العربية فملخص رأي الذين يشير إليهم أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد وأن ذلك يلزم أن ينعكس على الإدارة والتعليم غلبة وانتشارا مع ضمان حقوق المكونين بغيرها في الإدارة وإدماج اللغات الوطنية الأخرى في التعليم مع ما يناسب من الانفتاح على اللغات الأجنبية ضمن مقاربة تدريس اللغات أكثر من مقاربة لغات التدريس، فهل من العدل وصف هذا الموقف بأنه موقف فرنسا وعملائها، أما مصطلح التعريب فخلافي ويفضل قوم منا عدم استعماله لمعنى الإلحاق والفرض فيه ولتشابهه مبنى وصيغة مع التغريب.
يمكن مناقشة هذه الرؤية وانتقادها ولكن ليس من التحقيق والإنصاف اعتبارها خروجا على الدين وتبعية للمستعمر.
5 – لا تبدو لي العلاقة واضحة بين العمل الحقوقي للإسلاميين المذكورين ومعظم الأفكار التي أشار إليها الشيخ محمد الإمين ، فقضايا الرجم والردة قديم هو النقاش المثار حولها واتساعه الجغرافي بحجم رقعة العالم الإسلامي ومشهورة فيه آراء ابراهيم النخعي ومحمد أبو زهرة وعلماء معاصرين آخرين ومدارها التفريق بين الردة النظرية والردة التي يصاحبها عمل وتمرد، وعلى كل حال يناقش ويرد عليه وليس للإمر علاقة بالحقوقيين المذكورين فما قال أحد منهم شيئا ولا كتبه في هذا الموضوع، أما الرجم فلم يتكلم فيه محليا إلا الشنقيطي ولا أظن الشيخ يصنفه من هؤلاء الحقوقيين الإسلاميين ولا موقع له في المنظمات المذكورة.
6 – أما القول بتقديم النضال من أجل الحرية على النضال من أجل الشريعة فمقولة اشتهرت عن الشيخ د.يوسف القرضاوي ووافقه فيها آخرون وخلاصتها أن النضال من إجل الحرية نضال من أجل الشريعة ثم إن توفر الحريات هو أكبر خدمة للبرنامج الإسلامي الذي يجد في جو المدافعة والمنافسة السلمية أفضل وسيلة لقبول الناس فحكمهم، خلافا لعناوين إسلامية فرضت بالقوة واستمرت بالإكراه فانتهت إلى الفشل والانهيار.
7 – أما موضوع ولد امخيطير – والمواقف في شأنه مدونة معروفة – فكان الأنسب ذكر أولاد ….. أخرى فعلوا ما فعل وأحيانا أشد وذكر المواقف من هؤلاء!!!
8 – وتبقى إكثر النقاط إيلاما وخطورة ما ذكره الشيخ عن الألوان والأعراق فهل الموجودون في مواقع من لكور ولحراطين هكذا بلا كفاءة وإنما هو العرق واللون والشريحة ولاحظوا معي أن الجهة والقبيلة مسكوت عنهما !!! وهل الكفاءة لا توجد إلا في من لا لون له ولاعرق أو من هو من لون معين وعرق معين، لقد ذهبت بعيدا أيها الشيخ وليتك لم تفعل.
إن الكفاءة في الجميع والقدرة على الأداء عند الجميع ووالله إن الأمانة والالتزام لكذلك ولو شئت لزدت.
9 – إنه من المؤلم أن تكون بلادنا تعرف تحديات جمة في موضوع الوحدة الوطنية وأن يبذل بعض الأحبة جهدا معلوم المرجعية ملموس الأثر والنتيجة – مهما كانت الإخطاء المرافقة – ثم نأتي لنبخس ونتهم ونتجاوز حتى لا أقول شيئا آخر، ارحمونا يرحمكم الله.