ردا على ولد الرباني جميل منصور يكتب : “وضعا للأمور في نصابها”..
وضعا للأمور في نصابها
قرأت التعليق الذي كتبه أخي العزيز الأستاذ المقتدر محمدن ولد الرباني يتعقب فيه بعض ما كتبته تعليقا على مقال الشيخ محمد الأمين ولد مزيد ودون التوقف عند بعض التلميحات والإشارات التي وردت في حديث ولد الرباني أود أن أضع بعض الأمور في نصابها على الأقل من الزاوية التي أنظر منها :
1 – أول المواضيع هو موضوع اللغة العربية التي يبدو البعض حريصا على جعلها مشكلة وعلى دفع العديدين إلى أن يكون لهم موقف سلبي منها متشبثا ببعض المصطلحات ومتصورا كل اعتبار للغات الوطن الأخرى أو انفتاح على اللغات الحية معاداة للغة العربية.
لقد شرحت مفردات الموقف الذي أراه عند هؤلاء المستهدفين أي الحقوقيين الإسلاميين وما قرأت ردا ولا استدراكا على هذا الموقف وبالمقابل هناك حرص متكرر على الاتهام بأنهم لفرنسا يتبعون والعربية يرفضون
أذكر أن اعتبار اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد وترجمة ذلك بالغلبة في الإدارة والتعليم مع ضمان حقوق المكونين بالفرنسية في الإدارة وإدماج اللغات الوطنية ( البولارية، السنكية، الولفية ) في التعليم هو جوهر الموقف والتدوينات به ناطقة، ويلاحظ أنه على المستوى العملي هناك مؤسسات تخدم اللغة العربية تعليما ونشرا وتحبيبا ولهؤلاء بالمناسبة حضور معتبر فيها مباشرة وإسنادا وربما فضل غيرهم المساجلات السياسية والإعلامية للدفاع اللغة العربية وكل يسهم بما يراهم الأنسب.
أما قصة التعريب فيصعب تحريره من معنى الفرض ولعلنا نتذكر لازمته المشهورة ” بالدم واللهيب” مع تفهمي لمقصد القوميين من الشعار وعدم إخراجه عن سياقه السياسي والزمني، وأتذكر فيما كتبه الدكتور الألمعي المرحوم جمال ولد الحسن أثناء تعليقه على انتشار اللغة العربية في هذه الربوع وجنوبا مفضلا وصف ما حدث بالتعرب لا التعريب وواضح الفرق بينهما وحضور إرادة المسقبلين في الأول منهما.
2 – قصة المظالم والمنظمات الحقوقية تتطلب وقفة فيها بعض الصراحة، فلا يكفي أن يظل البعض- إن هو قبل الحديث عن المظالم – مصرا على التعبير بالجمل الاعتراضية والصياغات التمريضية ” صحيح أنه توجد مظالم ولا ينكر وجود تجاوزات … ولكن ” وقد سمعت من أحد الحكماء أنه إذا استعمل أحدهم ” لكن ” هذه فانتبه لما بعدها لا ما قبلها !
المظالم موجودة وعميقة، بعضها كان ومازال، وبعضها تراجع وخف وبعضها تحييه الأخطاء والتجاوزات التي لا يقدر أصحابها آثار هذه المظالم وضرورة جبرها، والمتضررون من هذه الظالم معنويا وماديا عديد كثير
والموقف السليم ليس الإنشغال بالذين يثيرون هذه المظالم وتوزيع تهم العمالة والتطرف والتمويل الأجنبي عليهم بل طرحها بالاعتدال المناسب والتوازن المطلوب وحينها يكون لمن يفعل مبرر ومقال.
أما المنظمات الحقوقية فليس من العدل التسوية بينها والحكم عليها إن لزم يقتضي معرفتها وهو ما لا يتوفر عند البعض ثم إن الجرأة على الاتهام من أعمال القضاة لاأسلوب الدعاة.
ويصر بعضنا أن المهم في إطار الحديث عن المظالم – إن قبلوا حديثا – هو المستقبل ولا أعرف كيف يمكن تصور المستقبل دون تقويم الماضي – بموضوعية ودون الأسر له – وتشخيص الحاضر – دون إثارة ولا تمييع –
لا تتضايقوا من حديث الناس عن مآسيهم ولا عن حاضرهم، تقبلوا حديثهم عن الظلم والتهميش وعدم تكافؤ الفرص ، تفهموا المطالبة بالاعتذار وبالتمييز الإيجابي.
3 – في باب تاريخ التيار الإسلامي في هذه البلاد من المجازفة القول إنه كان لا يعتبر إلا الكفاءة والصلاحية في تولي المواقع والمسؤوليات وأنه الآن بسبب الحقوقيين أصبح يعتمد المحاصصة، فالمعاناة الكبرى التي عشناها في الماضي كانت بسبب العامل الجهوي ثم القبلي ثم إن الأنسب القول إن الاسلاميين كانوا – في الغالب – من مكون واحد وأنهم في العقدين الأخيرين توسعوا وأصبحوا من حيث الانتشار والاهتمام- إلى حد معتبر- يمثلون الوطن بكل مكوناته ومناطقه فانعكس ذلك على الخطاب والاهتمام.
أجزم أنه لو أخذنا المسؤوليات في حزب تواصل مثلا لتساوت المكونات والجهات في باب التعيين دون الكفاءة الكافية وإن رجح مكون أو قومية لكانت غير التي يشير إليها الإخوة الذين كتبوا أو عقبوا.
ليس عيبا في مجتمع متعدد الأعراق متنوع الفئات والجهات والقبائل قريب عهد بالمآسي والمآتم أن يأخذ سياسيوه واقعه بعين الاعتبار وأن يجمعوا بين الكفاءة -وهي في الجميع- والطمأنة – ويحتاجها الجميع.