قطار ” تعهداتي” على السكة/ الحسن مولاي علي
أخيرا تحرك، بعد طول انتظار، قطار “تعهداتي” في رحلة، بدت اختبارا لسكة رسمية جديدة، استغرق مدها نحو وجهتها، الكثير من زفرات المتعجلين؛ وكانت العربات الرسمية التي دشنت رحلة التجرية الأولى، قليلة، خفيفة الحمولة، على الرغم من أن محطة الانطلاق تغص، إلى حد الاختناق بالمسافرين الذين طال بهم الانتظار.!
القطار الذي جرت عرباته رخاء على السكة، نثر على جنباتها رسائل كثيرة، مؤداها التأكيد أن الرئيس محمد الغزواني، ليس في عجلة من امره، وأن الشكل النهائي للفريق الحكومي، لم يستقر، بعد، وأن صدقية الحكمة البدوية الشعبية:《لمكام الا عاد ماه امبارك ماه لعاك》تتأكد مع الزمن، وأخيرا أن بإمكان من أضناه الضجر من طول الانتظار، ومن حقه، ان يستبق القافلةإن شاء!
مهما يكن فإن تحرك قطار العمل الحكومي، وإن جاء متأخرا، قد أنهى حالة “التراخي” التي سادت الوضع العام، منذ تسلم الرئيس الغزواني منصبه؛ وهي حالة تعددت زوايا قراءتها والنظر إليها، بين المحللين، فرأى أمثلهم طريقة، انها كانت ضرورية، لالتقاط الانفاس الرسمية، بعد اتسونامي التعيينات التي وزعها سلف الرئيس، في سباق مع الدقائق الاخيرة من عمره الرئاسي، على قوائم عريضة من “انصاره”.
المرجح ان يتوالى تحرك عربات القطار، جيئة وذهابا، وان تكون الاولوية في حمولتها للملفات المزدحمة على منضدة الرئيس الغزواني، وهي بالمئات، وبحجم الإشكالات الوطنية؛ لكن فرزها، من حيث الاولوية، يظل شأنا خالصا للرئيس، وقد لا تطابق تقديراته بالضرورة، ترشيحات الرأي العام واهتماماته؛ فهو صاحب القرار والتصرف، ضمن صلاحياته الواسعة، وطبقا لجدوله الخاص.
ترشيحات الراي العام، واهتماماته الطاغية، تذهب، في ترتيب الأولويات، إلى أسبقبة وضع حد نهائي وحاسم، للخصومة الخشنة أحيانا، الدائرة على منصات التواصل الاجتماعي، وتعمل أطراف مهتمة لتقديمها للرأي العام، كصراع على السلطة والتفوذ، بين رئيس منتخب في بداية مأموريته الاولى، وبين رئيس سابق، ارغمته نصوص الدستور والايمان المغلظة، على ترك السلطة، والخروج منها وهو ينظر خلفه بحسرة.ط
لقد اتضح مؤخرا، ان ازرارا ومجسات للتأزيم، مع بعض الفخاخ والبؤر الجاهزة، كان قد تم زرعها في جسم النظام وانسجته الفاعلة، وذلك تحسبا لما يستقبل من ايام، بعد تداول السلطة؛ لكن الرئيس المفترض انه المستهدف بها، وهو قائد الجيوش المتمرس في تفكيك التدابير، والوقاية من الكمائن، ونزع الفتائل، واستباق ساعات الصفر، قد تمكن في الوقت المناسب، من ابطال مفعول تلك التدابير مجتمعة، ثم بعث إيحاءات مطمئنة بنهاية المؤامرة، ثم اتبع ذلك بتطمينات غير مباشرة بان اللعبة انتهت، وأن لا طريق سالكة لإشتراك أي كان في تصريف المسؤولية التاريخية التي عهد بها إليه.
يعني ذلك في المحصلة، ان لا عودة إلى السلطة لمن فارقها،.وهو شيء لم يحدث قط في بلادنا العزيزة، فنحن لم نتعود على تناوب الرجال سلميا، على مقاليد الامور، بل كانت التغييرات في هرم السلطة بالانقلاب والإكراه، ثم لم نعرف عودة رئيس سابق إلى السلطة، قط، بل كتب على بعضهم الإقامة غير الطوعية، بعض الوقت، في ولاته او تبشيت او بومديد، فيما عاش ابرزهم حياة المنفى شبه الإجباري، أما من عاش منهم بيننا عيشة هادئة عادية، فعليه ان يقنع، بواقعه كرئيس سابق، معزز ومكرم، ولا دور له في الشان العام.
هي إذن طرق متاحة للاختيار، فأيها كانت خيار الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، فهو أحق بها؟