زيارة إعادة تأسيس/ عبد الله ولد اسحاق ولد الشيخ سيديَّ
تأسست العﻻقات الرسمية بين دولة اﻹمارات وموريتانيا منذ أوائل سبعينات القرن الماضي، وتوجت بالزيارة الرسمية التي قام بها المرحوم الشيخ زايد ابن سلطان آل نهيان لموريتانيا عام 1974، والتي ظهر فيها الشيخ زايد والرئيس المرحوم المختار ولد داداه وقد تبادﻻ ارتداء الزي الوطني للبلدين، وهي المرة الوحيدة التي ارتدى فيها الشيخ زايد زي بلد آخر أثناء زيارة رسمية.
وقد شهدت العﻻقات في الفترات الﻻحقة حاﻻت مد وجزر، ﻷسباب مختلفة، وتحسنت في السنوات اﻷخيرة بشكل ملحوظ، دون أن تصل إلى مستواها اﻷول.
وتمثل الزيارة التي قام بها الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لدولة اﻹمارات، من 4-1 فبراير 2020، نقلة نوعية في هذه العﻻقات، ظهرت من خﻻل الحفاوة التي استقبل بها الرئيس ومجريات الزيارة بشكل عام ونتائجها المعلنة.
واكد عضو بارز في الوفد المرافق للرئيس، أن الزيارة كانت ناجحة بامتياز وعلى كل المستويات، استقباﻻ ولقاءات ونتائج، موضحا أن ذلك كان ظاهرا حتى في المشاعر ومﻻمح الوجوه، خارج الرسميات البروتوكولية. وأشار في هذا الصدد إلى البيان الذي أصدره الوزير اﻷول الموريتاني حول الزيارة، منبها إلى أن صدور البيان قبل انتهائها، يوضح مدى رضى موريتانيا عن الزيارة ونتائجها.
وقد شهدت الزيارة محادثات رسمية في العاصمة أبوظبي بين الرئيس الغزواني وسمو الشيخ محمد ابن زايد ولي عهد أبوظبي نائب القائد اﻷعلى للقوات المسلحة في دولة اﻹمارات، كما شهدت التوقيع على العديد من الاتفاقات ومذكرات التفاهم، فضﻻ عن الدعم السخي الذي قدمته اﻹمارات لموريتانيا بملغ ملياري دوﻻر.
لكن الزيارة تميزت أيضا بلقاء الرئيس مع سمو الشيخ محمد ابن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة اﻹمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وهو لقاء غير مسبوق على هذا المستوى، فيما أعلم، منذ زمن بعيد، رغم أهمية دبي ومحوريتها على مستوى اﻹمارات ومكانتها إقليميا وعالميا.
وشملت زيارة الرئيس الغزواني لقاء مع حشد كبير من الجالية الموريتانية في اﻹمارات، حيث قدم صورة موجزة عن اﻷوضاع العامة في البلد، مؤكدا اهتمامه بالجاليات الموريتانية في الخارج، وحرصه على متابعة قضاياها وما قد تواجهه من مشاكل. واستمع بأريحية بالغة لمداخﻻت عدد من المتحدثين والمتحدثات، ووعد بمتابعة ما طرح من مشاكل وما قدم من اقتراحات، مشيرا إلى أنه أعطى التوجيهات الﻻزمة لكل من وزير الخارجية والتعاون والموريتانيين في الخارج وكذلك لمدير ديوان الرئاسة، لمتابعة كل تلك المشاكل والتطلعات، حسب طبيعة كل منها. وقدم شكره للناخبين من أبناء وبنات الجالية الذين انتخبوه، وشدد على احترامه لمن لم ينتخبوه، موضحا أنه ﻻ يعتبر ذلك موجها لشخصه وإنما يضعه ضمن حرية الرأي واﻷجواء الديمقراطية التي يحرص على استمرارها وتعزيزها.
ومن خﻻل المتابعة عن قرب لمسار العﻻقات بين البلدين خﻻل العقود الثﻻثة اﻷخيرة، يمكن اعتبار هذه الزيارة بمثابة إعادة تأسيس للعﻻقات بين موريتانيا واﻹمارات، على أسس من اﻷخوة واﻻحترام المتبادل والمصالح المشتركة وتعزيز التعاون في مختلف المجاﻻت، وهو ما يتوقع أن ينعكس إيجابا على الشعبين في البلدين الشقيقين.