هل نسمح له؟!/ محمد المنى
حمل التعميم الذي وجّهه الوزير الأول، نهاية الشهر المنصرم، إلى الوزراء والمفوضين، وحثهم فيه على رفض الحيف والغبن، وعلى السعي إلى إقامة العدل والقسط، والاهتمام بالتظلمات واتخاذ الإجراءات المناسبة لمعالجة المظالم.. لغة جديدة في القرارات والتوصيات والتوجيهات الإدارية والسيادية، لم نعهدها منذ وقت طويل. وهي لغة تتسق في روحها إلى حد كبير مع إرادة الرئيس (كما عبر عنها مراراً)، ومع السيرة المهنية لوزيره الأول. وربما يشهد لهذه الفرضية أن الوزير الأول الحالي من القلائل بين نظرائه لدينا، ممن لم يبدأوا منذ أيامهم الأولى في تمكين ذويهم ومنحهم الامتيازات والمنافع الكبرى.. ومن قرائن هذا التفرد أن كل الذين عرفناهم من حاملي لقبه العائلي في هذا الفضاء الأزرق، ظلت مواقفهم المنتقِدة كما كانت قبل تعيينه، اللهم إلا ما كان من تفاؤل خامر نفوس كثيرين من الموريتانيين في ظل وجود الرئيس الحالي بعد انتخابه. كما ترجّحه شذرات المعلومات المتوفرة وشهادات الأطر ممن عملوا معه، والتي تلتقي كلها في القول بأنه أحد المسؤولين القلائل الذين حافظوا خلال العشرية الماضية على سمتهم التكنوقراطي البحت، وأنه معروف في محيطه القريب باعتزال الصراعات والمناكفات المحلية، وبعزوفه عن التطلع إلى أي دور سياسي على أي مستوى كان. فهل يحافظ المهندس إسماعيل ولد بده ولد الشيخ سيديا على هذه الصورة النقية؟ أو بالأحرى هل نسمح له بالبقاء كتكنوقراطي نظيف يهمه أن يؤدي مهامه بالعدل والقسط؟