رحلة في الوظيفة العمومية / عبد القادر ولد أحمدو
حتمية تغيير الأحكام السياسية و ضروروة الحفاظ على مبدأ الدولة استمرارية…
طبيعي ان يحمل كل تغيير للحكم السياسي معه آمال المهمشين و رغبتهم في التجديد و ذلك ما حدث أكثر من مرة مذ الاطاحة بنظام حزب الشعب حيث تعودنا علي ظهور وجوه جديدة يتم في الغالب اختيارها ضمن حزمة الامواس البديلة لكونها اقل تلوثا من تلك التي كانت مستخدمة من طرف الحكم المطاح به لكن على العموم ظلت الأمور تسير مع الإبقاء علي الإدارة العمومية في شكلها و الاستعانة بالموظفين ..
و حتي في عهد الحزب الجمهوري الطويل الذي شهد في سياق مكافأة الموالين له تضخما في التعينات ذات الطابع السياسي في الوظيفة العمومية بالمفهوم الواسع حافظ النظام الي حد ما على استمرارية العديد من المؤسسات و المرافق العمومية التي أنشئت في مراحل متقدمة من تاريخ الدولة ….
لكن التغيير الذي حدث مع الحكم المدني الجديد سنة 2007 ثم مع مورتانيا الجديدة ادي زيادة على تفكيك أو هدم مؤسسات و شركات عمومية أو مرافق إدارية بأكملها الي دفن خبراتها و مكاسبها و أرشيفها و تاريخها ..و الأمثلة على ذلك كثيرة و تستدعي دراسة أو دراسات معمقة ..
و لكي لا احدث بما سمعت عن أرشيف مفوضية حقوق الانسان و مكافحة الفقر التي تفرقت دماؤها بين مرافق اخري أو وزارة التهذيب التي ضاعت ذاكرتها في الانفصال ثم الاتصال ثم الانفصال الي غير ذلك من المؤسسات و المرافق العمومية التي تم تغييبها اكتفي هنا بمثال بسيط على الخراب الذي يحل في أعقاب بعض التغييرات التي تدعي التجديد و الإصلاح ..
ذلك ما شاهدت من خلال تجربتي الشخصية حيث أنني لما غادرت كتابة الدولة المكلفة بشؤون المغرب العربي في أعقاب انقلاب أغسطس 2005 كانت تستخدم اقل من 15 عشر شخص بين الموظفين و عمال الدعم ..
. و هذه إشارة معينة لمن أراد تقييم جدي لسياسة تسير الموارد البشرية في المغرب العربي و الخارجية مذ ذلك التاريخ
و قد كلفت مدير ديوان كتابة الدولة الإداري احمد ولد.الفقيه بمهمتين اساسيتين وو فرت له بدعم من زميلي معالي وزير الشؤون الاقتصادية حينها السيد سيدي ولد ديدي الغلاف المالي الضروري : المهمة الأولي هي حديقة كبري في المبني الذي وضع تحت تصرفنا و هو مقر الحالة المدنية حاليا و المهمة الثانية فهي مكتبة شاملة متخصصة في معارف المغرب العربي بمختلف أبعاده كان يراد منها ان تكون قبلة للباحثين ..و منتدي الدبلوماسية العمومية
و يمكن القول أن المشروعين تم إنجازهما في مدة قصيرة …ثم بعد ذلك تم ردمهما بسرعة فائقة ..
.. فأما الحديقة التي كانت في الجزء الخلفي من المبني فلم أجد فرصة لأرى هل لا زالت توجد على الأقل بقايا من بقاياها ..و اما المكتبة فقد وقفت عام مضي علي كومة من الاوساخ ملقية تحت دروج وزارة الخارجية في اكياص مبعثرة فهمت انه ما تبقي من تلك الكتب الثمينة التي تم شراؤها بأموال الموريتانيين و التي راحت في ترحال كتابة الدولة و في تحويلها تارة الي مندوبية و تارة اخري الي الوزارة الأولي و في مجابات الا مسؤولية عن ممتلكات الدولة و في غياب الضمير الوطني و في تعاقب كتاب الدولة و الوزراء المنتدبين و في تشابك الصلاحيات بينهم و بين وزير الخارجية
..و من الواضح أن غياب رؤية سياسية واضحة لمهام كتاب الدولة و الوزراء المنتدبين ادي الي ارباك وزارة الخارجية والي حشوها بالوافدين الجدد من الموظفين و عمال الدعم و غيرهم من الذين يتم تعينهم مع كل تغيير حكومي و الذين لا يمكن لأي حكومة الا أخذ وضعيتم و حقوقهم بعين الاعتبار ..
و في كل تلك التغيرات ضاع مبدأ الاستمرارية الذي تقوم عليه الدولة و ضاعت ذاكرة الوزارة و صار اهلها يرون في كل من تولي أمورها المهدي المنتظر …
و لذلك كانت الوزارة أحيانا مسرحا للصراع بين الوزيرين او الوزيرتين. في وزارة واحدة ..او بين الموظفين الدائمين و الموظفين العقدوين …و تلك حكاية اخري
يتبع باذن آلله
عبد القادر ولد محمد