“ريح الگبله”../ مباركه بنت البراء
رياح الصبا وهي طيبة النسيم، تهب سحيرا أو بالغدو، فتجد النفس راحة عند هبوبها، وكان العرب يتفاءلون بها، ويقولون إنها تحن إلى الكعبة، وتصبو إليها.
وقد أشارت كتب التفسير إلى أن ريح الصبا سخرها الله لنبيه سليمان -عليه السلام- وكان غدوها شهرا ورواحها شهرا، كما أنها الرياح التي نصر الله بها النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزواته .
ففي الحديث الشريف أنه قال: (نُصِرْتُ بالصِّبَا، وأُهْلِكَتْ عَادٌ بالدَّبُورِ) .
ويظل هبوبها بشيرا للأرض برسل الخير ونزول المطر، وإيذانا بموسم خصيب للبدو الرحل.
وكان العرب في جزيرتهم يحتفون بها، كلما داعبت نسائمها المنعشة أغصان الشجر، فتصدح الطيور شادية، وتحن النفوس إلى كل جميل
وقد آلى الشاعر لبيد بن أبي ربيعة العامري(أبو عقيل)،
على نفسه في الجاهلية، ألا تهب رياح الصبا إلا ودعا الناس الجفلى، ومد الموائد، حتى أضيفت إليه، واقترن
ذكرها بذكره، واستمرت تلك العادة بعد اعتناقه الإسلام.
ولما كبر، ووهن منه العظم، وضاقت ذات اليد، حل بالكوفة وكان واليها آنذاك الوليد بن عقبة، وبينما هو يخطب على المنبر يوم الجمعة إذ هبت الصبا، فقال الأمير:
-هذه رياح أبي عقيل، فلتعينوه على البر بقسمه وإني
لأولكم، ثم بعث إليه بمائة من الجزر وبهذه الأبيات:
أرَى الجَـزَّارَ يَشْـحَــذُ مُدْيَـتَـيْـهِ*
إذا هَــبَّــتْ رِيَّـاحُ أبِـي عَـقِـيــلِ*
أشَــمُّ الأنْــفِ أصْـيَــدُ عَـامِــرِيٌّ*
طَوِيلُ الْـبَـاعِ كالسَّيْفِ الصَّقيـلِ*
فلما وصلت الهدية لبيدًا قال لابنته: أجيبيه، فما كنت لأعيا بجواب شاعر، ولكني تركت الشعر منذ قرأت القرآن،
فقالت:
إذَا هَـبَّـتْ رِيَّــاحُ أبِي عَـقِـيــلٍ*
دَعَــوْنَا عِنْدَ هَـبَّـتِـهَـا الْـوَلِـيـدَا*
أشَـمَّ الأنْـفِ أَصْـيَـدَ عَـبْـشَمِـيًّا*
أعَــانَ على مُــرُوءَتِــهِ لَـبِـيـدَا*
أما المحبون فريح الصبا مبعث إلهامهم، وخزان ذكرياتهم،
ومفشية أسرارهم، يقول ابن الدمينة:
ألا يَا صبَا نَجْدٍ متَى هِجْتِ من نجـدِ*
لقد زادني مسراكِ وجدا على وجدِي*
أئِنْ هتفتْ ورقاءُ في روْنَـقِ الضُّحَى*
على فَـنَـنٍ غَـضِّ النَّــبَــاتِ مِنَ الـرَّنُـدِ*
بكَـيتَ كمَـا يَـبكِـي الولِـيـدُ ولَـمْ تكُـنْ*
جليدًا، وأبديْـتَ الذي لم تَـكُـنْ تُبْـدِي*
ويفر الشاعر ابن زيدون من سجنه بقرطبة، ويبالغ في التخفى بضاحية الزهراء خوفا من العقاب، ولكن هبوب
الصبا سحيرا يفضح أمره، ويثير شوقه، فيفصح عن مكانه، ويتمنى لو يحمله النسيم إلى حيث ولادة:
إنِّي ذَكَــرتُـــكِ بالــزَّهْــــراءِ مُــشْــتَــــاقَــا*
والأفْــقُ طَـلــقٌ وَوَجْــهُ الأرضِ قَـد راقَــا*
وللنَّـــســيـــمِ اعْــتِـــلالٌ في أصَــائِــلِــــه*
كَـأنَّــــهُ رَقَّ لِــي فَاعْـــتَــــلَّ إشْــفَــــاقَــــا*
…لو شاءَ حملي نسيمُ الصبحِ حينَ سَرَى*
وَافَــاكُــــمُ بِـفَـتًى أضْــنَـــــاهُ مَــــا لَاقَـى*
وتهب ريح الگبله على امحمد ول أحمد يوره فتبعث
لديه مواجد المكان، وذكريات الأحبة:
نَـعْـرَفْ لَـيْـلَه فِاگْــرَيْـــنْ@@ الْـفِــرْنَــانْ اللِّى بَـيْــنْ@
“جِـگَـيْـنَــاتْ” اثِّـنْـتَــيْــنْ@@ بِــتْ ألِّا نِـتْـنَــيْـمَـشْ@
فِابْرَيْگْ أعْمَشْ، وِامْنَيْنْ @@ انُگُـولْ ارْتِـبْ يَرْمَـشْ@
مِنْ گِــبْـلَه جَـاتْ اگْـبَـالْ @@ ارْوَيْـحَه نَـشِّــتْ نَـشْ@
فَـگَّـدْنِى بِ”ارْبِــگْ فَالْ”@@ وِ”احْسَيْ أَهْلْ آمِنَّشْ”@
أما دَمِّينْ وِلْ الدَّاهي فيصف ريح الگبله في لوحة زاهية تصلح إشهارا لبرنامج وثائقي سياحي:
حَـاجِـلَّــكْ يَالـطِّـفْــلَـه @@ مَـلْــگَـــانَ فِالــدَّخْــلَـه @
ؤُذَبْــحِــتْــــنَ لِلـرَّخْـلَـه@@ وَگَــــيَــــافْ اِلْ جَـــانَ@
ؤُنَــشِّــتْ رِيــحْ الْگِـبْلَه@@ وِاطْــرِيــحِــكْ لِگْــزَانَه@
ؤُ حَــاجِـلِّـكْ عَـنْ (عَلَ@@ النَّـهْـــرِ مِــنْ ثَــوْبَــانَ)@
وتباغت رياح الگبله الشاعر الشاب كريم أمينو، وهو
حبيس المدينة؛ يحاصره الحجر والكورونا، فلا يمتلك
إلا أن يناجيها وقد أذكت فيه الشوق إلى الأوكار
وزادته هما إلى همه:
يَرِيـحْ الگِـبْـلَه كِـلْ انْــهَــارْ @@ اتْـهِـبِّي مِنْ جِيهِـتْ لَـوْكَارْ@
اِلْ نِبْـغِي بِارْوَيْحِتْ لِخْظَارْ @@امْـعَ رِيحِـتْ نَبْـعِـتْ لُـودَيْ@
ؤُتِـطْـفِي فِـيَّ-بالـنَّــارْ-الـنَّـارْ@@وِاتْــدَاوِيلِي-بِالْـكَـيْ-الـكَـيْ@
ؤُلَا هَبَّيْتِي وِابْگَيْتْ انْطِيحْ @@ وِانْگُومْ، الْيَومْ ؤُلَانِي حَيْ@
هِـبِّــيــلِي حَــگَــلْلَّ يَــرِيــحْ@@ الْگِبْلَه، يَـسْـوَ بَـاطْ اشْـوَيْ@