في تأبين الراحل محمد الازرق كتب الاعلامي خليل فهمي : صوته سبث اسمه
#صوته_سبق_إسمه_!
كلمة لا أنساها رددها مودعي من الأساتذة والأصدقاء صحفيين وغيرهم، وأنا أشد الرحال للالتحاق بالإذاعة البريطانية بي بي سي في لندن عام ٩٢، “ستعمل في إذاعة ‘وقااال…’ بالمد المائل القصير المميز وتقليد للصوت شبيه أصوات “الفقها” بلغة أهل التلاوة والتواشيح والمغنى، ثم قالوا؛ “بلغه سلامنا”.
لا أظن فعلتها إلا ربما متأخرا في رحلة تالية. شغلني العمل بغرفة الأخبار وقتا عن تقفي أثر الصوت المميز، حتى التقيت صاحبه الأستاذ محمد الأزرق؛ يمر بالكوريدور جادا بخطوات مسموعة ويلقي نظرة تحية جادة محايدة تمامًا حتى جمعتنا بالمقهى احاديث مشتركة بادرته فيها باعجابي بالحفاظ على سمته الأنيق ودوام الوضوء حتى بغير اوقات صلاة.
ثم جمعنا استوديو شؤون الساعة وكاد يضحكني أكثر من مرة بعفويته قبل أن أتمرس على التقديم على الهواء، ولم يكن وحده، بل كتيبة من أصحاب خفة الروح والأستاذية و”المعلمة”، كيف لا؟ ودسك الاستوديو يقوده ماجد سرحان وأحيانًا اسماعيل طه؛ ثم أمامك الصوت النجم محمد الأزرق؛ وإلى جواره نجم آخر لم يقل رونقًا عند المستمعين هو أيوب صديق؛ ومعهم قمة الخفة مارون عقيقي. ما أن أتأهب مأخوذًا برهبة المكان حتى بادرني هو وأيوب ومارون بنظرات الجدية بتحذير من الضحك، لأن ثمنه الفصل من العمل! وبدل الخوف كدت أهوى ضحكا. كان همهم ازالة الرهبة عني، واحتضان الأساتذة للتلميذ يشغلهم. وأشار لي الأزرق بعدم استخدام سماعة الأذن، ثم وضع هو يدا على أذنه كالشيخ عبد الباسط، وإذ بي ألمح ماجد سرحان يبتسم منتظرًا مثلًا أن أقلده بعد رفع السماعة.
المهم ما أن نخرج حتى أستمتع برواياته عن المغرب وتجارب الحياة، ولم يضن علي بنصيحة في أولى رحلاتي الصحفية للمغرب في ٩٤، وعند العودة ظننته يمزح وهو يسألني: ما اسم عائلتك؟ قلت: أسمع أن اللقب الأكبر هو ” القرشي”! فتهلل وجهه وقال: إذا أنت من عندنا من أشراف المغرب!، سمع اسماعيل طه الحوار؛ فقال بل القرشي حل بالسودان، أنت من السودان الجواني.
سعدت بانتماءاتي الممتدة بين المغرب والسودان، بلسان الأزرق وطه، رحمة الله عليهما؛ سواء حقيقة أم تخمين لكنهما وكثير غيرهم تركوا أثرًا لا تمحوه السنوات ومخزونا شجيا من أجمل الذكريات.
خليل فهمي القاهرة 01/02/2021