حدث قلم قال..!!/ ذاكو وينهو ( المرتضى محمد أشفاق
لم تطل حياته في عالم الأرحام، قال قوم مكث سبعة أشهر، وقال آخرون ستة وثلاث عشرة ليلة، وفسر بعض أن الرحم كرهته وخافت منه فألقته قبل تمامه، ورأى فريق أنه استوفى أيامه كلها لكنها استقذرته فتجاوزته دون توقيع مرور..
أجمع معاصروه أنه لما حبا صار الدجاج كلما رآه يصيح خوفا وينتفش ريشه، وإذا اقترب من حظيرة الغنم استنفر الواقف منها البارك واستوت آذان التصنت تتحسس خطرا..
هو وحش صغير قبيح الصورة، خرجت ثنيتاه العلويتان قبل السفليتين، فتشاءمت به النساء وانتظرن سلالا في قابل الأيام..
يوم تطهير أطفال الحي حضرت معه أم الفضل خلاف ما تفعله الأمهات، فرأى الناس وراء صنيعها خبرا، و أيقنوا أنها تضمر حذرا ،،،
ارتفع الصراخ، واشتد الخوف مما يشبه عملية الذبح في شد الوثاق ،وحد السكين، وتشمير الرجال، ثم صاح الشيخ محمود أيها الناس..أيها الناس أنا لا أطهر النساء هذا بنت!! يا أم الفضل هنو ابنك لا تقدر عليه المناقيش، ولا تدركه الأبصار، وحق من نجى إبراهيم من النار، وجعل من ذريته النبي المختار، إني لصادق، وأعوذ بالله من غضب العزيز القهار…
غضبت أم الولد وقالت إن الشيخ محمودا دخيل في القبيلة و إن أباه سلال من سلالة (انجم) جاء هاربا ينشد الأمان…وأقسمت بالذي جعل فرعون وجنوده من المغرقين، وكتب إبليس في المبعدين، أن كل هؤلاء الأطفال أبناء زنى ..و أن أباها أسر يوما إلى محمد ولد سيد أحمد أن جده قرأ في كتاب المختار في هداية المحتار ، أن هذه بعض صفات القرامطة الأشرار، وقى الله منها صفوة خلقه الأخيار، وأن ابنها نقي العرق لم تشبه كعاعة من نسب، ولم يدنسه عار ولا شنار…
تكرر خروجه في الساعة الحادية عشرة إلا ربعا ،تارة عن حصة الرياضيات، وطورا عن حصة الفرنسية، وآونة عن العلوم…
يجلس منفردا آخر الصف ويتزاحم الأربعة على الطاولة..كان التلاميذ يكرهون مشاركته وينفرون منه، ضبطه المراقب (تال) والأستاذ (محمد امبارك) منزويا مع آمنة سعيد في المقبرة المهجورة منحنييْن على شظية قدح، يلتهمان حب الفستق الأعور، ونوى الحشف المثقوب…قال يوسف إنه رأى أعنز خدي بنت امبارك المشتهرة بأكل الفراخ حية، وابتلاع الديدان، وفتح المخازن بشواربها، ومص الدماء من الأوضام، و عض المارة، تشم ذلك الحب فتكشر، ويسيل المخاط من أنوفها، وتفر فرار الشاة من الذئب..وشهد محمد ول اسليمان أن حمير عربة صو حمادي تعافه وتتنكبه في الطريق…
امزيدف هذا أصبح واسطة عقد الأعيان، يحضر مجالس السلطان، يشار إليه بالبنان، وينعت بسيد الفتيان ، وتتبرع عليه النسوان، لا يعاب ولا يهان، يتزاحم على بابه الشيوخ والشبان، فسبحان من هو كل يوم في شان، طلع نجم سعده في عالم المال والأعمال، فحسنت منه الحال، وصار مطاعا مسموع المقال، تنحني له أعناق الرجال، أسلمته الدنيا خطامها، وانقادت له فما احتاج أن يشد خزامها، وكشفت له عن خصرها حزامها، فلم يبق منصب مدر لغلول إلا صعده، ولا نهد أبيض أو أسود إلا عضه، مزواج مطلاق، وآمنت بالواحد الخلاق، موزع الأرزاق ، وأسأله الأمن يوم تلتف الساق بالساق..
رأى الفقهاء كثرة أنكحته في العام القمري الواحد في باب عدة الرجل إذا طلق رابعة، أو محرمة جمع، هل ينطبق هذا على امزيدف بحصول البناء دفعا للتوهم، أم تراعى الحال، وفي ذلك خلاف إذا علم يقينا انتفاء حصول موجب العدة ولو بنى..وأفتى بعض أن الحكم على مدار العلة وأن لامزيدف أن يتزوج من النساء عشرا و إن شاء زاد ، لأن ما يحصل منه بالتواتر القريب من شبه الإجماع، وأخبار عدول الآحاد، هو عض النساء، وخمش وجوههن، ونتف شعورهن، وضربهن بالركبتين على الصدور، وغرس الأظافر في النحور، ولطم الإليتين مما يلي أسفل الظهور، أما بلاد ما تحت السرة وما بين الحرتين، وما فوق الركبتين، فلم تطأها ركائبه، ولم تَخْدِ عليها نجائبه..
فشكا الرجال مأساة تمام الرجولة، وبرموا من نكبة الخلق السوي، والوجه البهي، والتفوق العلمي، وقال قائلهم إن الجمال والمعرفة لعنة تجر المحن، وتغرق في الإحن، فوالله ما أفلح في أيام الناس إلا بليد مجروح، ودميم مفضوح…