اسئلة على هامش تاريخ الكادحين( 2 ) .. الموقف من الدين؟
قبل محاولة الرد على هذا السؤال و هي محاولة قد لا تكون مقنعة نظرا لحساسية الموضوع و نتيجة لانعدام الادلة القطعية بخصوصه يلزم التنبيه على أن الاهتمام به يدخل في سياق جرد الأفكار التي تبناها تيار الكادحين ضمن رؤيته لمشروع المجتمع الذى سعى إلى خلقه من خلال نضاله .
و هنا لا يد أيضا من التنبيه على أن الغاية من تدوين تاريخ الكادحين و كذلك تاريخ غيرهم من الحركات السياسية تكمن بنهاية المطاف في استعراض لخلاصة النظريات و الأفكار السياسة التي تبناها جيل من الشباب المورتاني في حقبة من تاريخ البلد السياسي و قد حاولنا في سياق آخر أن نلخص مجمع تلك الأفكار عبر ثلاثي الإسلام و الوحدة الوطنية و دولة القانون الذي تدور حوله معظمها و ذلك في كتابنا مورتانيا: حكاية الرمال المتحركة …
و انطلاقا من نفس المقاربة سنحاول تسليط الضوء على موقف حركة الكادحين من الدين الإسلامي الذي يعد في جملة ثوابت وطنية تأسست عليها الجمهورية الإسلامية المورتانية و الواقع أنه من الصعب العثور في ادبيات الحركة مذ نشأتها إلى غاية حل ما تبقى منها رسميا في عقد التسعينيات .ما يوضح بشكل جدي موقفهم من الدين .
و أكثر ما يقال عنهم فى هذا المجال يستنتج عادة من مواقف خصومهم السياسين الذين اتهموهم قديما وحديثا بالالحاد و الزندقة إلى غير ذلك من الاوصاف التكفيرية …
فهل كان تلك التهمة المثيرة للجدل حول علافةً الكادحين بالدِّين مجرد ذريعة سياسية ليسهل القضاء عليهم
وإخراجهم من المشهد بسهولة وهو ما لم يفهمه عامة الرأي كما أشار إلى ذلك القيادي التاريخي بدن بن عابدين في إحدى حلقات تاريخ الكادحين مستشهدا بالمثل الفرنسي الذي يقول ، “إن من يريد أن يقتل كلبه يتهمه بانه مصاب بمرض الكٓلٓبِ” ! ؟
صحيح ان حقبة السبعينات شهدت فتورا عاما في التدين بالاوساط المدنية الناشئة و هو ما عير عنه احدهم بقافية من الشعر الشعبي ( كاف من لغن) بقوله :
الدين أبدل بالنفاق ## ما ر حد ادافع عنو
لكهوله باعوه بالرزاق ##:و الشباب إترق عنو
لكن تلك الظاهرة المعروفة شعبيا ب ” شين الدين ” كانت نتيجة لتحولات في سلوك المجتمع لا علاقة لها بفكر الكادحين الذين لم يصح عنهم مثلا لزوم الحانات و المنتديات الليلية المفتوحة امام الجميع في عهد قلت فيه المساجد و قل فيه حمام المساجد..
وعليه يمكن القول بأن ظاهرة شين الدين ارتبطت أساسا بموضة برجوازية مناقضة من حيث المبدأ للنظرية الماركسية التي استنبط منها الكادحون فكرهم …خصوصا بعد تأسيس حزب الكادحين المورتاني ” حكم ” طبقا لنموذج الأحزاب الماركسية ..
صحيح أنه ثبت عن أكثر من ثقة بأن بعض الشباب المحسوب على الكادحين قاده التعمق في الفكر الماركسي الشمولي إلى الخوض في أسباب الوجود معتمدا على مبادىء المادية الديالكتيكية و ان بعض الخلايا شهدت مذاكرات حول كتيب بوليتزير و هو بالمناسبة كتيب سطحي و سخيف اراد منه صاحبه أن يبسط الفلسفة الماركسية للعمال فصار مضربا لتندر الفلاسفة ….
صحيح أيضا أنني سمعت بعض الثقاة يقولون انهم انسحبوا من تنظيم الكادحين على خلفية إساءات متكررة للدين في بعض الخلايا..
لكن الثابت هو أن الجيل الأول من الكادحين لم يعتمد فلسفة المادية الديالكنكية في منشوراته التعبوية و الإعلامية و لا في ادبيانه المكتوبة بل أنه
استطاع ان ينتهج خطأ جماهيريا قوامه التركيز على
مشاكل الشعب الحقيقية و على حقوقه الثابتة في سياق مطالب وطنية واضحة تحت عنوان ” نريد الحياة بلا ظالمين ” ..بواسطة نضال نزيه ضد الاسترقاق و استغلال الشغيلة و تجويع الشعب..
و في الغالب لم يكن لدى خصومهم السياسين حينها من الحجج ضدهم سوى التفتيش في النيات و تغطية العجز عن مناقشة المشاكل المطروحة … باللجوء إلى التفكير .
هذا عن الجيل الأول اما عن الجيل الثاني فساشهد أن شاء الله بما علمت عنه في الحلقة القادمة ..
عبد القادر ولد محمد