القافلة والسيغار../ اسحق الكنتي
“بتّ أعاني لغه الطفل الأصل لغة النصل..
لغة الوصل لغة القطع الهزل..
ولغة الجسد.. لغة الهمس .. لغة العصر..
بتّ أعانى لغة المد ..لغة الحصر .. لغة الحد …. لغة الغير .. الضد..
لغة الرد.. لغة الطير..”
في السياسة، كما في الحياة العامة، تتعدد وسائل التعبير بتعدد الأهداف التي ترمي إليها “رسائل الحب والحرب”. من المؤتمرات الصحفية التي تعبر عن “الحلات الخاصة” إلى التدوينات “الجميلة المنصورة” التي تتهجى تهجية ليبيا، والصور ثلاثية الأبعاد المرتبة بعناية مثلما ترتب عليها من تدوين و”تظاهر” من أجل مكتب، أو ضد مكب… جاءت الصورة ضمن وسائل التعبير “المتصاعد” ناصعة البياض نقية، ورغم ذلك احتاجت إلى “Légende” تفسر “ما الذي يحدث”، كما احتاج خروج صامت من قبل إلى بيان صاخب… ف”ما كان لمثل هذه التصرفات أن…” تنسق عبثا! لكن ما افتقر إلى التنسيق والترتيب هو الانتقال من الفاتحة إلى “آل عمران” دون المرور ب”البقرة”! صحيح أن الذين عانوا أمر “البقرة” تاهوا في الأشباه والنظائر قبل أن يهتدوا إليها ليذبحوها، فلم تكن حلوبا. إذ في “الأعراف” المرعية عند البداة النهي عن ذبح ما كان من “الأنعام” حلوبا، وهل يوجب “التوبة” العاجلة، أم على التراخي، خلاف كما في “الأنفال”.
لا يكفي لتسخين الشارع في جو التوافق والهدوء عير من “أولاد حارتنا” الفيسبوكية، ولا نفير من وراء الحدود، ولا المصاولة بين التشاور والحوار. فمن الغريب أن يتداعى البعض للتشاور في القصر الرمادي، ومقر الحزب الحاكم ليخرج بدعوة إلى الحوار، رغم أن التشاور هو المنصوص في “الخلفية الإسلامية” والحوار مرادف للجدل!
إن الذين جاؤوا ثم رحلوا ثم جاؤوا ثم رحلوا لم يكن الوطن ليغفر لهم. فقد دخلوه على حرف. والذين لا يحاوروننا إلا في أحزاب مؤدلجة، أو من وراء الحدود، والذين يتطلعون إلى الأفق استمطارا للانقلابات بعد تجريمها، والذين أزكمتهم رائحة السيغار الكوبي فتضامنوا، في زمن التآزر، مع تيفريت.. أمم قد خلت من قبلها أمم سارت في نفس الدروب الشائكة.. فما أغنى عنهم جمعهم.
لقد “ألهاكم التكاثر” من الوسائط؛ حين عيي المقال وبهت التدوين، فما أغنت عنكم الفوكالات، ولا نفعتكم الفيديوهات.. “حتى زرتم المقابر” تناجونها “وما أنت بمسمع من في القبور”، وتطلبون منها المدد.. “ضعف الطالب والمطلوب”.
سينقشع الغبار، وينطفئ السيغار، وتتوقف تغطية “الأخبار”.. “فماذا بعد؟ وفيما البعد!” “قل أعوذ برب الناس…”