بعض من أسرار العلاقة بين اتحاد الأدباء و وزارة الثقافة / النبهاني ولد أمغر
يذكر الشاعر الكبير و رئيس اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين، السيد محمد كابر هاشم، رحمه الله، أن الاتحاد تأسس قبل أن توجد وزارة الثقافة الوصية عليه اليوم، وقد يفسر ذلك مستوى الحساسية المفرطة التي تتعامل بها وزارة الثقافة مع الاتحاد، وشعورها الذي لا تعبر عنه عادة بنوع من المنافسة معه، وقد تكون الوصاية الإدارية عليه مكنتها من التعبير عن بعض المكبوتات في مناسبات مختلفة.
وعلاقة وزارة الثقافة واتحاد الأدباء تحيل إلى علاقة أعم بين الثقافة والإدارة في هذا البلد، فقد كانت الثقافة هنا ولا إدارة معها.. وبالثقافة عرف هذا البلد شرقا وغربا، وصار له اسمه الذي يقترن بالأدب والشعر والحفظ والتميز المعرفي، وبفضل هذه المكانة الثقافية وجدت الإدارة التي جاءت متأخرة أرضية مناسبة للتحرك في عالم لم يكن فيه وطننا نكرة بفضل الثقافة، لكن ذلك ولَّد نوعا من الشعور بالغيرة اتجاه الثقافة تمثل في تهميش متعمد لها، لم تسلم منه إدارة وإن كان ظل يحكمه سلوك كل إدارة.
وفي هذا العهد تم إعطاء إشارات إيجابية جدا من طرف الرئيس، توحي بإدراك حقيقي لقيمة الثقافة في هذا البلد، ولكن تصرفات الجهات الوصية على الثقافة يبدو أنها تريد أن تظل وفية لأساليب معهودة في هذا المجال وشعور بمنافسة غير متكافئة مع الاتحاد ومع الثقافة بشكل أعم، متجاوزة بأساليب غير ناعمة منهجا وسلوكا مستقيما لدى رئيس الجمهورية، حظيت به كل حقول الشأن الوطني وفي مقدمتها الحقل الثقافي.
إن اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين، يعتبر أكبر وأعرق جهة ثقافية وأدبية في هذا البلد، وهو الحاضن لمختلف أجزاء فسيفساء المشهد الأدبي الوطني، وأي تعديل في أنظمته وأهدافه لا سبيل إليه إلا من خلال جمعيته العمومية فقط، فكيف يتم اقتراح ذلك والتداول فيه من خلال جهات أخرى مهما كانت تلك الجهات؟!
إن اقتراح تقسيم الاتحاد، يقود إلى ظهور اتحادات على أسس جهوية وعرقية وقبلية ومناطقية، وهذا منذر بخراب الشأن الأدبي ومن بعده الشأن الاجتماعي الوطني، ولا يمكن أن يكون تصرفا أدبيا وطنيا راشدا مطلقا.
علينا جميعا كل من موقعه أن نرفض الحجر المتوخى على الأدباء والكتاب،
فقد بلغوا الرشد وابتغوا خدمة الأدب والثقافة منهجا، وليست مثل هذه التصرفات لائقة بهم، ولا تناسب عطاءهم وتاريخهم.
وعلينا أن نبقي على الاتحاد مظلة جامعة للأدباء الوطنين جميعا، وحاضنة للأدباء والكتاب، كما أراد له قادته على مر تاريخه؛ من عهد شيخنا القدوة الشاعر والكاتب الدكتور الخليل النحوي، حفظه الله، إلى عهد أستاذنا الكاتب والروائي الدكتور محمدو ولد أحظانا، حفظه الله، وأن نسعى إلى جعله يحتل مكانته التي تليق به.
وعلى الدولة الوطنية أن تطبق رؤية رئيس الجمهورية الأدبية، وهو تطبيق سيمكن وطننا من الاستفادة كثيرا من قدرات معطلة، وسياسة تفعيل القدرات المعطلة سياسة بدأت ملامحها تتحدد.
وختاما، أُجِلُّ هذا العهد المؤدب جدا أن يكون هناك من يتدخل باسمه في شأن نقابي بحت، ضاغطا ومبتزا ومستخدما هيبة الدولة ومكانتها ونفوذها لظلم مواطنين ومضايقتهم بأساليب غير كريمة لا تنتمي لهذا العهد بالنسب ولا العصب ولا المصاهرة!
وأستغرب أن يدعم أديب أو كاتب من أهل الاتحاد تفكيكه وتقسيه، تطبيقا لرؤية خارجية، وهو يدرك أن نصوص الاتحاد تعتبر الدعم أو السعي للنيل من وحدة الاتحاد، جرما يعاقب مرتكبه بالطرد النهائي من قائمة المنتسبين لهذه الهيئة.