عقيدة افتراض الفساد /عبد القادر ولد محمد
حدث ذات مرة بمناسبة تدشين أشرف عليه الرئيس السابق معاوية بمقاطعة الرياض .. اقتربت سيدة كانت ضمن صفوف المستقبيلين من السيارة لتخاطبني قائلة : وني بيكم ز ينين غير كافيكم من السرقة .. .تبسمت فى وجهها و نظرت الي السائق المسكين و كأنه في موقف الحائر بين الحمية ” لبطرونه ” و بين الانحياز الطبقي لصيحة المسكينة.. .
صحيح أن لا أحد ينكر بأن ممارسات الفساد كانت منتشرة في الجهاز الإداري و في مؤسسات الدولة و ان الجهود التي بذلت من أجل التصدي لها باءات بالفشل أمام تواطئ مجتمعي يجعل من المفسدين و مختلسي أموال الدولة أبطالا ينفعون الناس و يرقعون الحاجات و من النزهاء ” انعيجات ” و لا شك أن الذين سلموا من التلطخ بتلك الممارسات قليلون جدا و لا أبرأ نفسي…
و معلوم أن ذلك العهد الطويل من تاريخ البلد شهد رغم التحول الجذري في معايير التعيين بالمناصب العمومية الذي حصل في أعقاب المسلسل الديمقراطي تعيينات طالت كفاءات وطنية لم يأتي الزمان بمثلها منهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر..
المهم ان ذلك العهد انتهى بانقلاب عسكري جاء حسب أدعاء أصحابه لينقذ البلاد و العباد في مرحلة انتقالية شهدت طبقا لمعلومات متواترة فسادا خطيرا مسكوتا عنه ربما كثمن لما حصل من تحسين في الصورة الديمقراطية للبلد
. . و جاء الحكم المدني المسكين ..الذي تم إسقاطه قبل أن يستصرط ما يفترض انه مدغه بانقلاب عسكري خشن في أعقاب مسرحية ذات إخراج رديئ ضد الفساد .
. و هكذا اندلعت الحرب العالمية الكبرى على الفساد و المفسدين حتي خيل للراي العام بفعل دعاية مغرضة ان بعض قادة المعارضة التاريخية الذين لم يتلطخوا في التسيير في العهود الماضية هم الفساد بعينه .. قبل أن يتحول الفساد الي كلمة سحو … تطارد العشرية المنصرمة و رموزها ..
طبيعي إذن أن تنجم عن هذا المسلسل الفظيع من الإخفاق عقيدة شعبية مفادها أن وجود الفساد يفترض خلافا لمبدأ حسن الظن .. في التسيير العمومي ..
و عليه يتعين في الحاضر من أجل إعطاء مصداقية لمحاكمة الماضي على كل مسؤول تم تعيينه كمسير للمال العمومي ان يعرض علنا اياديه البيضاء من غير سوء و ان يكون جاهزا للمحاسبة الدقيقة أمام الأشهاد و الا فليختفي عن المشهد السياسي و ليبحث عن عمل آخر.. يعيش بيه أهله . فالرزق مضمون و قديما قيل … الشغله ماهي الا وزير و ال مدير ..