ملاحظات على استجواب “جون آفريك” للرئيس السابق
قرأت ترجمة في بعض المواقع لمقابلة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، ولأنه ليس إنسانا عاديا لم أشأ أن أمر عليها دون إبداء مجموعة من الملاحظات:
أولى هذه الملاحظات أنني حين كنت أدعم خطاب الرجل يوم كان رئيسا كنت أعتقد جازما أنه صادق في محاربة الفساد، ومساعدة الفقراء وتكافئ الفرص بين الموريتانيين، وحين انقشع دخان الخطاب، وتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من التدليس، ظهر أن تلك الكلمات التي طالما دغدغت مشاعر الموريتانيين كانت مجرد تمويه لتغطية ما تبين لاحقا، حيث نُسجت أوكار باض الفساد فيها وفرخ، وامتُهنت كرامة الفقراء بفتات نوم شعورهم ب”الزمكه” ردحا من الزمن، وظلت الفرص مقصورة على بعض أصحاب الأدوار المشبوهة وسدنة تقزيم الكفاءات، وأباطرة الفتن والشحناء.
أما الملاحظة الثانية فتكمن في استصغار السيد الرئيس لعقول الموريتانيين، حين لم يفهم معنى صبرهم على خروجه من السلطة بسلام، رغم ما حام ويحوم حوله من تهم وشبهات، فكان إصراره على إعادة الكرة من خلال نفس الخطاب.
نعم سيدي الرئيس كنت ستكون مثاليا لو استترت بستر الله ولم تستفز الشعب ثانية من خلال معاودة إطلالة لا يستسيغها إلا بعض المنتفعين والهامسين، ولعلك لا تدرك أنك كنت تتحرك في دائرة نفاد صبر الشعب، مهما كانت تفسيراتك لدونيته من خلال الاستهزاء بكافة مكوناته (الأغلبية-المعارضة-البرلمان…).
ملاحظة أخرى تتعلق بزعمك وجود مآمرة على الشعب الموريتاني، ذلك الشعب الذي أظهرت جائحة كوفيد19 كيف خلق مناعة بعدك لمواجهة الكوارث، وكيف عمل “المتآمرون” على تجاوز لحظات عصيبة هزت كيانات البشرية جمعاء، هؤلاء “المتآمرون” هم من أعادوا الطمأنينة إلى الموريتانيين، واسترجعوا من خلالهم الثقة في بعضهم، وهؤلاء “المتآمرون” هم من أصبح يحسب له حساب في المنطقة، لا أن يقوم بدور لصالح جهة، بل بفعل حصافته ورزانته ودرايته بكنه الملفات، ودفاعه عن مصالح شعبه عامة، دون منة ولا “اتبعريص”!!، هؤلاء “المتآمرون” هم من أراد للعمال والمهمشين أن تتحسن ظروفهم المعيشية من خلال زيادات ثابتة لا تمتهن كرامتهم، ولا تستغل وضعهم، هؤلاء المتآمرون “المتآمرون” هم من يشعرون محاوريهم أنهم كبار بسلوكهم، وأفعالهم، وحسن معاشرتهم، هؤلاء “المتآمرون” هم من أراد لك أن تكون رئيسا سابقا وأردت لنفسك أن تكون “صاحب الأنبياء” ، هؤلاء “المتآمرون” هم وحدهم ووحدهم فقط من لا يقطعون رزق الموظف لأنه عبر عن رأيه، ولا يقرعون الصحفي لأنه “مس الوجع”، ولا يوقفون المباراة بالقوة قبل تصفير الحكم!!..
سيدي الرئيس كنا لننتهي لو عرفنا مصدر ثروتكم، لأنكم فقط كنتم تسيرون خزائن الدولة، وسواء سجلت الأموال باسمكم أو باسم غيركم فإن الشعب يريد أجوبة أكثر وضوحا من أجوبتكم لفرق التحقيق، التي لا تعترفون بها وللأسف، إذ كيف لمن خبر المؤسسات وقيمة أجهزة الدولة والأمة أن يكون على رأس من يتفه ويسفه عملها؟!!.
أما عن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، فلا أعرف هل قامت المواقع بترجمة حقيقية لما قلتموه عنه، إذ لو كان ما نقلوه صحيحا من أنه انتزع منكم، لكانت مجهوداتكم المضنية من أجل مأسسة الحزب ذهبت سدى، ولكن عملكم الدائب ليظل الحزب مستقلا في قراراته “لا يتبع لشخص بعينه” ذهبت أدراج الرياح، أم أن “أهل الحزب ما يسمعُ”، أما أن تتهموا حزبا بهذا الحجم من الثقل بأنه مصادر كأحزاب “الكرطابل” فذلك لا يتناسب مع المعلومات الواردة من طرفكم أن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية لم يكن مختطفا من طرف الحكومة السابقة!، بل كانت تتركه يقوم بدوره السياسي والدستوري دون تدخل أو تعنيف..
السيد الرئيس سواء كنتم متهما أمام النيابة أو سياسي اتفق مع “حزب” على استضافته، فإن نظرة الشعب لا تغيرها إلا أجوبة واضحة، ومفهومة، وهادئة تتخذ من الأدلة سندا ومن ثقة المواطن متكَأ.
أما نظرة صاحب الأجر والمنتفع والأجنبي فإنها لا تصب إلا في مصالحهم، ولا تهمها مصالح الوطن، الذي يجني الجميع خيره ويأكل منافعه بطيب نفس أو بغير ذلك.