لمرابط ولد ابوه .. و عبور النهر./ محمد فال ولد بلال
من ساعة قدوم الأخ محمدن ولد شدو إلى مخبئه في منزل “جدو ولد البساتي” في انچوربل و الحزب بكافة قواه في أعلى درجات الاستنفار محليا. وكانت مسوولية أمن و حماية الضيف المطارد من كل الجهات و بشتى الوسائل والطرقات تقع على عاتق خلية من المهمات الخاصة تضم الاخ لمرابط ولد ابوه شفاه الله و عافاه، و محمود رياض حفظه الله و رعاه، و المرحوم بإذن الله، نورو ولد اللب.
وضعوا منطقة “السطارة” و”انچوربل” تحت رقابة مشدّدة و حراسة يقظة 24 /24 ساعة! و تركوا الحي الإداري ومفوضية الشرطة والحرس والمرفأ تحت رقابة خلية من عمال مزرعة “امبوريَ” للأرز بقيادة “حمزة” و بعضوية “خويَ”، ونسيت إسم العضو الثالث. ويتولى المناضل الحزبي حمادي ولد حمادي (وزير الخارجية الأسبق) حفظه الله و رعاه مهمة تنسيق خلية العمال. وكان حينئذ مديرا جهويا لقطاع المياه في روصو وله سيارة “لاند روفر” مؤاتية جدا كونها تابعة للدولة.
بعد ليلتين من الراحة والاستجمام كان الضيف في أمس الحاجة لهما، و بعد دراسة معمقة للطريق بين المخبأ و النهر و متابعة الحركة على الضفتين وعلى عرض البحر.. تقرر موعد العبور ساعات قبل الفجر بالتزامن مع انطلاق الصيادين و رمي الشباك وتثبيتها..
كان كل شيء على ما يرام. خرج شدو متخفيا ومعه مسؤول الحزب على مستوى الولاية ويقودهما محمود رياض حتى وصلا سيرا على الأقدام إلى نقطة تبعد ما يقارب 7 كيلومتر شرق المدينة، حيث كان ينتظرهم “الكابتن” لمرابط و “زورقه”. و فورا بدأت الرحلة .. 45 دقيقة من التشويق والإثارة يصعب وصفها.
عند ملامسة الزورق للمياه بدأ الخوف من أن ينجرف أو يتعطل أو يعرقل سبيله أي شيء. في البداية، كانت الأعصاب متوترة، ودقات القلوب تكاد تصمّ الآذان.. شعورٌ بالقلق يجعلك لوهلة تندم على المسؤولية أو تتمنى العودة إلى البر؛ ولكن سرعان ما تتبدد تلك الأحاسيس وتعود الحماسة عندما ترى لمرابط باسم الوجه يجدف بقوة، و تشعر بالزورق يتقدم بثبات.. متى وأين تعلم هذا الشاب الملاحة؟ من أين له معرفة عمق المياه و قوة التيار و الجاذبية؟ و كيف يقيس سرعة الرياح و يحدّد اتجاهها؟ يعرف من أين ينطلق و بالضبط يحدّد أين يرسو حتى لا تقذف الأمواج والرياح زورقه إلى المجهول.
انتهت الرحلة بخير.. و عاد الطاقم إلى قواعده سالما. و عندما وصل التقرير إلى بدّن، قال: كيف تقتحمون النهر دون “سترات نجاة”؟ و أمر باتخاذ إجراءات السلامة اللازمة للملاحة؛ و منها: توفير سترات نجاة للركاب مستقبلا و خوذات و مكانس هوائية للمياه.