تحقيق التعهدات.. يربك المشوشين/ الحضرمي محمد انداه
قليلة هي الأيام التي تمضي من المأمورية الأولى لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني دون انجاز يثلج الصدور، و يطمئننا كموريتانيين أن وطننا الذي طالما حلمنا بتقدمه بدأ يغذ السير نحو الإصلاح في زمن العهد و الوفاء به، بالرغم مما خلفته جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي، لكن الخطط الناجعة، و الناجحة التي رسمتها الحكومة، و حرصت على تطبيقها نالت إعجاب شركائنا الدوليين، فكانت الجائحة نقمة في طيها نعمة، استطعنا من خلالها بناء منظومتنا الصحية لتواكب المرحلة، بعد أن عانت سنين عددا من التردي، و الترهل، وظل الفساد ينخرها زمنا طويلا، بسبب غياب القوانين المنظمة، أو قدمها بحيث أصبحت لا تلائم المرحلة الراهنة، فتم استحداث قوانين، و تشريعات منظمة، و تحين أخرى لتواكب المتغيرات الطارئة في أغلب الأحيان، فعلى سبيل المثال لا الحصر فإن القانون المنظم ل”القطاع الطبي الخاص”، صدر في زمن “اللجنة العسكرية للخلاص الوطني”، كما ظل قانون الصيدلة معطلا، وهو الصادر في العام 2009، و لم يطبق إلا في عهد فخامة رئيس الجمهورية الحالي الذي تعهد خلال حملته الانتخابية بشن حرب لا هوادة فيها على الأدوية المزورة، وقد كان صادق الوعد.
وظل توحيد سعر الأدوية حلما طالما راود الجميع فأصبح اليوم واقعا معاشا، و تم أيضا إعداد دراسات تقييمية ل “صندوق الضمان الصحي”، وقطاع الأدوية، و باتت الاستراتيجية التي ستمكنهم من مواكبة “تعهداتي” واضحة المعالم، و سيتم دعمهم ليواكبوا الإصلاحات المنشودة، التي كان آخرها ضمان تأمين ستمائة ألف أو يزيدون من فئات مجتمعنا الهشة، في خطوة ثمنها الجميع إلا المشوشون، و المتربصون بوطننا الدوائر، و مما زادهم غما على غم وجود مثال حي على نجاعة هذا المنجز، وأثره الإيجابي على المواطنين جسدته حالة سيدة تدعى “لمات حبيب طهمان” كانت تحتاج لعملية زرع للنخاع فتحقق لها ما أرادت.
فبعد تنقلها بين الكثير من المستشفيات، والأخصائيين شكل تسلمها لتأمينها الصحي من يدي فخامة رئيس الجمهورية مباشرة أملا جديدا، وحياة أخرى، حيث عرضت حالتها الصحية عليه ليعطي تعليماته السامية مباشرة بضرورة رفعها على جناح السرعة للخارج لتلقي العلاج، وهي رسالة عميقة الدلالة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أننا نساس بطريقة مغايرة لما كنا عليه سابقا، بعد أن استبيحت الإنسانية لأغراض دعائية لم تعمر طويلا.
و يعتبر عامل سرعة الاستجابة هو الآخر من العوامل المساعدة على تدارك حالات المرضى الذين يحتاجون رفعا إلى الخارج يحسب للقائمين على الشأن الصحي بالبلد، نرجو أن يكون التعامل مع حالة “لمات حبيب طهمان” بداية لتدشين عهده، حيث انتظرت لأقل من أسبوع لتسافر فجر اليوم إلى المملكة المغربية الشقيقة في رحلة استشفائية، بعد استفادتها من التأمين الصحي الشامل الذي أقره فخامة رئيس الجمهورية مؤخرا لصالح 100 ألف أسرة متعففة.
و بما أن الاهتمام بالفئات الهشة من أولويات فخامة رئيس الجمهورية فقد تمت تسوية مشكلة الحمالة –التي ظلت من أكثر المشاكل العمالية تعقيدا في السنوات الأخيرة- مما سيضمن استفادتهم من الضمان الاجتماعي بكافة فروعه (تعويضات المعاش، و الخدمات العائلية، و المخاطر الفنية) إضافة إلى تأسيس شركة لتسيير اليد العاملة المينائية يساهم فيها الميناء، والحمالة، و الفاعلون الاقتصاديون المعنيون بغية تسيير شفاف يتوج نهضة تنموية تهدف بالأساس إلى إحداث تأثير إيجابي مباشر، وسريع على حياة المواطن الموريتاني حيثما كان، ضمن رؤية ثنائية الأبعاد تتوخى تخفيف وطأة الحاضر، وتحسين المستقبل، فلأول مرة يتم توزيع بطاقات مصرفية لسحب المساعدات النقدية لصالح 683 من مرضى الفشل الكلوي، وهو ما سيساعد لا محالة في القضاء على جميع مظاهر الغبن، والحيف أيا كان مصدرها، وأيا تكن طبيعتها، فبهذه البرامج القوية، والتدخلات الموجهة ستتمكن الفئات الهشة من التخلص من جميع آثار التخلف، والالتحاق بباقي مكونات المجتمع، ولاشك أن ما قام به النظام الحالي من دعم للفئات الهشة، والمغبونة لو قيم به في الحقب الماضية لكان جل من امتهنوا الانحراف في الآونة الأخيرة يخدمون وطنهم كل من موقعه لغرض المساهمة في القضاء على أغلب الأمراض التي تنخر المجتمع، لأن غياب الاهتمام الحقيقي بهذه الفئات في العشرية الماضية بدأنا نرى تبعاته السلبية ماثلة للعيان.
وفي إطار تنفيذ برنامج “الأولويات الموسع” لرئيس الجمهورية تم تدشين مجموعة من برامج البنى التحتية الطرقية، حيث أشرف فخامته يوم الخميس الماضي من مقاطعة الرياض على إطلاق الأشغال في جسري “ملتقى باماكو”، و “ملتقى الحي الساكن”، الذين وقع الاختيار عليهما بعد دراسات فنية، و معايير تتعلق بحركة السيارات، واتساع الفضاء لإنجاز الجسور، ليقع الاختيار على ملتقيات باماكو الذي يقدر عدد السيارات التي تستخدمه يوميا ب 7642 سيارة، و الحي الساكن الذي قدر عدد السيارات التي تستخدمه يوميا ب 23512 سيارة.
و في ظل جو الهدوء السياسي الذي تعيشه بلادنا حاليا، والذي دشنه فخامة رئيس الجمهورية فور تسلمه مقاليد الحكم زاد منسوب الحريات دون تمييع بشهادة قادة المعارضة، ففي لقائه مع صحيفة D’Œil d’humanité التي تتخذ من “بلجيكا” مقرا لها قال النائب المعارض، ورئيس حركة إيرا، بيرام ولد أعبيدي: “إن حالة الهدوء السياسي، و المظهر الطبيعي للحياة السياسية في موريتانيا نابعة من اختيار شخصي لرئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، والذي قال له في أحد لقاءاتهما أن القمع انتهى، ولن يذهب أي شخص إلى السجن بسبب أفكاره، ولن يتم منعه من الظهور في وسائل الإعلام العامة، والقيام بالحملات، و الاستقبال من قبل السلطات”.
ولعل من يسعون إلى التأزيم، و طالما اختلقوه لم تَرُق لهم هذه التصريحات، ولم يعجبهم جو الانفتاح السائد الذي يتخذ من حرية الانتماء، والتعبير عن الرأي مرتكزا أساسيا لا يمنع صاحبه من خدمة وطنه متى ما توفرت فيه الأهلية لذلك، أمور من بين أخرى جعلتهم يهاجمون النظام القائم، ويصفونه بأبشع الأوصاف، متناسين أن مشكلتهم ليست معه بقدر ما هي مع القضاء، الذي نعول عليه في استرجاع ثرواتنا المنهوبة، والتي لولا العمل الجبار الذي قامت به “لجنة التحقيق البرلمانية”، لما اطلع المواطن على مستوى النهب الممنهج الذي طال موارده قبل مجيئ النظام الحالي، الذي يولي أهمية قصوى لحفظ الموارد، واستخدامها فيما ينفع الناس، ويمكث في الأرض.
أما بالنسبة لأولئك المشوشين، والمشككين، والمثبطين -وقليل ما هم-، والذين بسببهم استحلبنا الجَهَامَ طويلا فليموتوا بغيظهم، وإلى الأمام يا سيادة الرئيس، فبتطبيقكم لبرنامج “تعهداتي” سيتحقق الرفاه المنشود، وتزدهر البلاد، وتقلع عاليا نحو الرفعة، و الإباء متسلحة بإرادتكم الصادقة ،و حزمكم، وعزمكم الذي لا يلين، فكما وضعتم النواة الأولى لبناء جيشنا الوطني سيروا بنا على بركة الله بتؤدتكم، وترويكم المعهودين نحو موريتانيا المتصالحة مع ذاتها، والتي ننشدها جميعا في كنف الأمن، والأمان.
الحضرمي ولد محمد ولد انداه