سقوط الخرافات المؤسسة لملف الفتنة الوطنية/الأستاذ محمدٌ ولد إشدو
بعد عام ونصف من المكر والدجل، ها هي ذي الخرافات المؤسِّسة لملف الفتنة الوطنية الكيدي المتهم فيه الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز وصحبه تتهاوى وتسقط الواحدة تلو الأخرى! وإليكم تفاصيل ذلك السقوط المدوي:
الخرافة الأولى: لجنة التحقيق البرلمانية، وتقريرها الواهي!
صدق أحمد شوقي رحمه الله! فلا غرو لجمعية وطنية (برلمان) طالب أكثر من ثلثيها (102) بخرق الدستور ومنح مأمورية ثالثة لرئيس منتهية ولايته الدستورية، إن شكلت”كعبَ أشيلِ” نظامٍ وطنيٍّ.، ولعبت دور حارس سور الصين العظيم الذي قايض تسليم مفاتيح بوابة السور للعدو. وذلك بتشكيلها لجنة تحقيق برلمانية لا تعتمد على أي أساس قانوني. وقد بينا ذلك الخلل بوضوح في دراساتنا ومقالاتنا ومقابلاتنا ومؤتمراتنا الصحفية الكثيرة، حيث أبرزنا المسائل التالية؛ وهي:
* أن الجمعية الوطنية في موريتانيا لا تملك حق التحقيق في تسيير الحكومة القائمة، أحرى أن تحقق في تسيير الحكومات السابقة. فالدستور – وهو أبو القوانين- هو الذي يحكم العلاقات بين مؤسسات الدولة ويحدد قواعد تلك العلاقات. ومواده من 45 إلى 77 التي تحكم العلاقة بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية لا تخول السلطة التشريعية (الجمعية الوطنية) سوى وظيفتين هما: سن القوانين؛ ورقابة الحكومة عن طريق مساءلة الوزراء تحت قبة البرلمان حسب الصيغ الواردة في القانون (المادة 72) وحجب الثقة عن الحكومة عن طريق التصويت حسب الشروط الواردة في الدستور على ملتمس رقابة (المواد 74 ـ 77). ولا سلطان لها في نظامنا الرئاسي مطلقا على مؤسسة رئاسة الجمهورية، ولا على رئيس الجمهورية إلا في حالة واحدة نصت عليها المادة 93 من الدستور هي حالة الخيانة العظمى. تقول المادة 93 (جديدة): “لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى. لا يتهم رئيس الجمهورية إلا من طرف الجمعية الوطنية التي تبت بتصويت عن طريق الاقتراع العلني، وبالأغلبية المطلقة لأعضائها. وتحاكمه في هذه الحالة محكمة العدل السامية”. ولا توجه تهمة الخيانة العظمى إلا لمن يشغل كرسي الرئاسة. وعقوبتها العزل! وما سوى هذا باطل بطلانا مطلقا؛ خاصة إذا كان مستند القائلين به، إما النظام الداخلي للجمعية الوطنية، وهو نظام بيني لا يقارن بقانون ولا حتى بمرسوم، فضلا عن مقارنته بالدستور؛ أو القياس على أحكام دستورية لدول أخرى مخالفة في جوهرها لأحكام الدستور الموريتاني.
* أن “لجنة التحقيق البرلمانية” عرفت في عملها إخفاقين كبيرين:
الإخفاق الأول هو عجزها رغم ما بذل فيها من جهد ومال عن العثور على أي فعل مجرم، فلا وجود فيما وصلت إليه لعملية اختلاس في أي هيئة أو مؤسسة من مؤسسات الدولة، ولا تهمة برشوة! ولذلك ظل تقريرها يحوم حول الاختلالات، والتساؤلات الساذجة، والاقتراحات الفضولية بضرورة تغيير بعض القوانين!
أما الإخفاق الثاني – وكان مدويا وصارخا- فتمثل في فشل مؤامرة “جزيرة تيدره” التي عقدت لها الجمعية الوطنية اجتماعا خاصا صوتت خلاله على إضافة ملفها إلى ملفات التحقيق، بناء على وجود أدلة موثقة على ارتكاب الرئيس السابق خيانة عظمى تمثلت في بيع جزيرة من الوطن إلى أمير قطر بعشرة ملايين دولار سلمت للرئيس في منزله! وأنتم تتذكرون جميعا مصير تلك الكذبة! وأن الجمعية الوطنية التي تبنتها وصوتت على إضافتها إلى ملفات تحقيقها لم تعلق بكلمة واحدة على مصيرها المفجع، وكذلك فعلت لجنة تحقيقها فيما تسرب حتى الآن من تقريرها.
* أنه رغم بعض المحاولات البائسة التي قام بها بعض أعضاء لجنة التحقيق المتحمسين لمشروع استهداف الرئيس السابق؛ والتي تمثلت في إعداد وتسريب قائمة طويلة من الأسئلة زعم أنها موجهة إليه من طرف تلك اللجنة، وتسريب استدعاء من نفس النمط زعم أنه موجه إليه منها أيضا، وتصريح أحدهم باسمها بأنها ستحضره بالقوة إذا لم يحضر إليها طواعية! فإن خلاصة تقريرها فيما يخصه هي ما صرح به يومئذ للصحافة نائب رئيس تلك اللجنة، رئيس الوزراء الأسبق يحي ولد الوقف: “عندما ينظر الإعلام إلى التقديم الذي قدم به النواب عملهم يرى أنهم لم يتكلموا عن العشرية ولا عن النظام ولا عن الرئيس، تكلموا عن قطاعات معينة يريدون التحقيق فيها. ثم إن رئيس الجمهورية ليس مسؤولا بشكل مباشر عن التسيير، فالدستور واضح في أنه لا تمكن متابعته حول تسيير أي مرفق من المرافق العمومية. فحسب الدستور لا تمكن متابعته إلا في حالة الخيانة العظمى. فالإعلام ركز على العشرية وعلى النظام؛ في حين أن ما يسعى إليه النواب هو قيام البرلمان بدوره في رقابة الحكومة؛ سواء كانت هذه الحكومة أو الحكومات السابقة. وبالتالي يظهر لي أن الإعلام أخرج اللجنة من نسقها الحقيقي”.
* أن تقرير “لجنة التحقيق البرلمانية” رغم هشاشته، لا يوجد له (مثلها) أي أساس قانوني يحال بموجبه إلى أي جهة تنفيذية أو قضائية. ومع ذلك فقد صوت البرلمان – افتئاتا وفضولا- على إحالته إلى الحكومة، فأحالته بدورها – افتئاتا وفضولا- إلى قضائها الذي قال فيه ما لم يقل مالك في الخمر، ثم اعتمده أساسا لبحث ابتدائي موجه وهادف تتحكم فيه وترعاه القوى الراعية لفتنة المرجعية والمخابرات وذبابهما الإلكتروني.
* أن تقرير “لجنة التحقيق البرلمانية” بعد أن اتخذ وليجة إلى الهدف المنشود، كان مصيره الإعدام، أو النوم في أدراج النيابة العامة التي سحبته نهائيا من ملف اتهامها الكيدي ذي الرقم 01/ 2021 فأصبح نكرة لا يعرف عنه فريق التحقيق شيئا، وكذلك الذين اتهموا على أساسه ودفاعهم! فوحدها النيابة العامة ودفاعها الستون محاميا اطلعوا عليه حسب ما أخبر به عميدنا الأستاذ إبراهيم ولد أبتي!