سيادة اللغة العربية حتمية تاريخية/ الحسن مولاي علي
مطلب التمكين للغة العربية، في مجمل شؤون وقضايا هذا المحتمع المسلم، وعلى الخصوص في تدريس مختلف المواد في كل المستويات، هو مطلب لا مر ا ء في مشروعيته، ففضلا عن كونها لغة الأم لغالبية المجتمع، فهي، بمقتضى الدستور، لغة البلاد الرسمية، وهي فبل ذلك وبعده، وبعيد عن جدليات الأعراق والأنساب، اللسان المبين للتنزيل الحكيم، وللنبي الكريم، وهي لغة معارف الأمة وعلومها وآدابها وفكرها وتاريخها وكل تراثها، فضلا عن كونها لسان الفرائض والعبادات الإسلامية اليومية، لمليار ونصف من مختلف الأعراق والألوان..
تلك حقوق وحقائق لا جدال فيها، لكنها لا تبرر العداوة، معلنة أو مبيتة، للغات أخر، قد شكلت وسيلة لتفاهم الناس، وأوعية لعلومهم وآدابهم وتقاليد،هم؛ ومنهم أسلاف وجيران، و غيرهم من العالمين؛ ذلك أن اختلاف الألسنة والألوان آية من آيات الله، مثلها مثل خلق السماوات والأرض؛ ومع ذلك فإن الإنسان المتمتع بعقله ورأيه، لن يقبل بحال أن تهيمن عليه في عقر داره، وبين أهله وذويه، أية لغة أجنبية، بأية ذريعة..
ومن الحقائق التاريخية الصارخة التي تغيب عن بعض الخائضين في جدل اللغات، فيكون التذكير بها، في هذا الصدد عظيم الفائدة، أن هذا الفضاء الممتد الذي مثل مضارب مختلف أسلافنا، وتداولته، منهم ومن غيرهم، أعراق وألسنة وألوان شتى، عبر الزمن، تركت فيه بصماتها وآثارها ولغاتها وعاداتها، لم يعرف قط، طوال تاريخه، أن لغة ما تمت لها السيادة فيه بدساتير أو قوانين أو مراسيم، أو أية وسيلة أخرى من وسائل الإكراه، بل كانت لغات أهله تسود أو تنقرض بقوتها الذاتية…