صبروا على الإسلاميين حتى بلغ الكتاب أجله/ المصطفى ولد أكليب
ما حدث في المغرب هو وحده التمشي السليم في التعامل مع المخالفين ، لقد صبرت الأحزاب الوطنية و العلمانية والليبرالية واليسارية على الإسلاميين شركاء الوطن ، حتى بلغ الكتاب أجله .
تراجعت شعبية حزب العدالة والتنمية لأن كل حزب يتولى قيادة بلد يصبح هدفا للسهام ومطمح الآمال ومعقد الرجاء ، فإذا لم يحقق للناس مايريدون ذهب النور الذي كان معه .
صوت الشعب المغربي لحزب العدالة والتنمية لأنه قادم من أحزمة البؤس وحارات الفقراء أو من الطبقة المتوسطة ، ولأن ذلك الشعب سبق وأن أعطى أصواته لبقية أحزاب الخريطة السياسية من اليمين إلى اليسار ، ولكن تلك الاحزاب لم تحقق له مطالبه ، فصوت ضدها لحزب لم يتم ” تجريبه” عقابا لها وأملا في التغيير .
ولكن الحزب ظن أنه بمنجاة من الحساب وأن له شعبية ثابتة تحميه من السقوط ، وبالغ في سيره في ركاب المخزن ، ومهادنة الدولة العميقة ، بحيث تنكر لشعاراته السابقة ومسيرته السياسية النضالية المعروفة ، فعاقبه الناخبون على كل ذلك ، ولكن العقاب كان عقابا ديمقراطيا ، فقد خرج الحزب بالطريقة التي دخل بها : دخل بواسطة صناديق الاقتراع وخرج بواسطة نفس الصناديق .
أما ماحدث في مصر فكان نتيجة للعقلية الإستئصالية التي يفكر بها موتورو التيارات الإيديولوجية والسياسية التي سحب الإسلاميون البساط من تحت أقدامها ، فلم يكن أمامها سوى الإلتحاق بركاب الأنظمة بحثا عن مواقع تخفي تراجع الشعبية و”تهافت” التنظير ، وانطفاء الحماس ، بعد أن راهنت على ذلك طويلا .
وبدل أن يتجهوا إلى صناديق الإقتراع التي تعتبر مقياس الشعبية ، فضلوا الإلتفاف على ذلك المعيار ، واتجهوا إلى الشارع ، وأعلنوا النفير قائلين ” أنظروا إلى شعبيتنا ، لقد قال الشعب كلمته ” هذه هي الديمقراطية في أنصح صورها .
وبدأ الصراخ الإعلامي والعويل .
ثم “دارت الأيام” ودخلت مصر الكنانة نفقا مظلما من الإستبداد ، حيث بدأ المستبد المتأله يأكل رفاق الأمس ، فلم يترك تيارا شبابيا أو ثوريا يخشى جانبه إلا وزج بأتباعه وقياداته في السجون ، وفر الجميع خارج مصر لأنها أصبحت سجنا كبيرا لكل ابنائها .
ولا يعلم إلا الله كيف ستتجاوز أرض الكنانة آثام الاستبداد ، بعد المجازر ضد المنافسين ، وبعد التنازل عن الارض والعرض .
ويأتي النموذج التونسي بعد مماطلة وتسويف ولكنه أتى ، نموذج المستعجلين الشعبويين ، لم يكن ما حدث في تونس انقلابا واضحا جليا ، لأن في تونس مستوى من الوعي يعصمها من ذلك ، ولكنه جاء على صيغة انقلاب “دستوري”
ولا يزال الشعب التونسي ينتظر حتى ينحسر ” الخطاب اللغوي” والعروض المسرحية أمام وسائل الإعلام ، وتهدأ العواطف ، لكي يعود العقل الناقد إلى عمله من جديد .
لا خلاف على أن الأحزاب السياسية التي حكمت في تونس بعد نجاح الثورة لم تحقق انجازات تذكر ، ولا خلاف على أن البرلمانيين قد دخلوا في نوع من المهاترات المستمرة التي لم تحقق للشعب التونسي ماكان يصبو إليه ، ولكن كل ذلك لا يسوغ الإنقلاب الذي حدث إلا في نظر الإستئصاليين ، ولا أعتقد أن إنجازات لم تتحقق بتزاحم العقول ستتحقق بواسطة عقل شعبوي مصاب بتضخم ” الأنا ”
وأعتقد جازما أن استئصاليي بلاد شنقيط لن يتركوا للناخب قرار الحسم في مصير حزب تواصل ، بل سيتبعون منهج الإستعجال والاستئصال لكي يخلوا لهم وجه السلطة .
تحية إعجاب وتقدير للشعب المغربي الحكيم ، ولأحزابه التي فازت في الإنتخابات .
وأقول لحزب العدالة والتنمية عليك أن تعود إلى مقاعد الدراسة من جديد لكي تتعلم من الأخطاء .