من وحي 12/12/ أحمد فال ولد محمد آبه

لا أعلم أنه في التاريخ الإسلامي تولى الحكم من اسمه معاوية (خليفة أو رئيسا)، إلا معاوية بن أبي سفيان ومعاوية ولد سيد أحمد الطايع، وكلاهما دام حكمه 20 سنة..
قال الجاحظ : “اجتمع لهارون الرشيد ما لم يجتمع لغيره من الخلفاء، كان وزراؤه البرامكة وقاضيه أبو يوسف وشاعره مروان بن أبي حفصة ومغنيه إبراهيم الموصلي..”.. قلت، ولا قول لي: وكذلك اجتمع لولد الطايع ما لم يجتمع لغيره من رؤساء موريتانيا حتى الآن : تمويلات لا تنتهي من الخارج، وعلماء وشعراء يسيرون في ركابه، ويمدحونه بأعذب الشعر.. وكانت فنانته ديمي منت آبه، وشاعره الشعبي بوكي ولد اعليات، رحمهما الله تعالى.”.

بعد 16 سنة من “التخلص” من معاوية، لم يطرأ تغير “يذكر فيشكر” على البلاد، لا اقتصاديا ولا سياسيا، ولا اجتماعيا ولا ثقافيا.. حتى “الصفاگة” عجزوا عن تطوير لغتهم .. ومازالوا بنفس “الوجوه اللي ما تحشم”، يستخدمون نفس العبارات..

16 عاما مضت..
“وها نحن نمشي على قدم الأخيلة
تصيح الظلال الطويلة من خلفنا
إلي أين يا تائهين؟
إلى أين يا تائهين؟
ونحن نحث خطانا إلى المقصلة”
مشكلتنا في عقليتنا المجتمعية .. فالدولة فكرة أولا، قبل أن تكون كيانا، ونحن ذيك الفكرة ماهي عند ياسر منّا ..
العالم يتقدم، ونحن انعدلُ “گوطرة أهل لخل” خطوة إلى الأمام، واثنتان إلى الوراء.. والأدلة كثيرة على ذلك، ومنها على سبيل المثال فقط : في التسعينات من القرن الماضي كانت الخطوط الجوية الموريتانية تسير رحلات أسبوعية إلى بعض عواصم الولايات ، رغم أنها لا تمتلك إلا طائرتين فقط؛ وفجأة توقفت تلك الرحلات.. ومنذ أسبوع فقط أعادت الشركة فتح الخط الجوي بين النعمة و نواكشوط، فصفقنا لذلك واعتبرناه فتحا مبينا لفخامة الرئيس الملهم ..
حتى عام 2009، كان الطريق الرابط بين “اكلينيك و توجنين” يتكون من مسارين في الاتجاهين، و به أعمدة كهربائية تضيء عتمة الليل.. ومنذ 2010 أزيلت تلك الأعمدة بالكامل، وجُعل الطريق مسارا واحدا في اتجاهين .. وحتى طريق عرفات ، وشارع دار النعيم لم تصلهما يد التطوير منذ عام 2003 م..
وقيسوا على ذلك، مما تعرفون في أنفسكم وفي مدينتكم المنكوبة … حتى الكهرباء لم تكن تنقطع بهذه الوتيرة من قبل ..
زعماء المعارضة مازالوا كما هم منذ 1992م، لم يتغيروا؛ ولم يحققوا شيئا أيضا.. والشعب كما هو ، لم يتغير..
بعد: “موريتاني تختير = = ألا معاويّ”، و “يمينا لنذكر كيف أتيت ..” و “معاوية الخير …” ..
جاء : “مجلس زين اتوال = = عسكري يُحيّ”؛ ثم أتى بعد ذلك : “عزيز لا تمش عنّ…”
و “عزيز الشعب امعاك== ما معقول اتفكر
عاگب ذ من مزاك = = الّ إگوت ، وإحير
تمش عنّ فيّاك = = يحكمنَ حد أوخر”
ذهبوا جميعا.. لكن الشعب بقي، أو على الأصح : أُبقِي، كما هو.. لا تتغير عقليته، ولا تتحسن ظروفه الاقتصادية ولا الاجتماعية ..

الرئيس بالنسبة لنا :
هو هذه الكف التي تغتالنا = = ونقبل الكف التي تغتال
بعد 16 عاما من رحيل معاوية، فإن :
أكثَرُ الأشياءِ في بَلدَتِنـا
الأحـزابُ
والفَقْـرُ
وحالاتُ الطّـلاقِ .
والأدوية المزورة، والأطعمة والمشروبات الفاسدة .. و شباب يقلد الكبار في النفاق و التصفاگ، وأحيانا يتجاوزهم ..