حكاية من واقع الحياة/ محمد فال بلال
المفتولة – عاشوراء – 8147 – 8000 – أژواد – الميزان – الغزال – النجوم …كلها ألقاب منحتها الأسرة لبنتها المدلّلة: زينب؛ بنت متميزة قد زادها الله بسطة في العقل والجسم، و منّ عليها بنعومة ولطف وجمال جذب إليها محبة واحترام أهل المخيم كافّة. أظهرت زينب منذ نعومة أظفارها قدرات هائلة وفوائد ومزايا خارقة، وما لبثت أن أصبحت أسطورة حيّة .. وجهها جميل، وشعرها أسود قاتم، وصوتها حلو. ورائحتها مسك.. لها سحرٌ يوقظ الأرواح ويحيي العظام ويهدّئ الآلام ويعالج الصداع والعصبية والإرهاق.
وذات ليلة تعرضت زينب لوعكة صحية مفاجئة وسقطت على وجهها الناضر مغمي عليها.. تعالت الصيحات وتصاعدت طلبات الإغاثة والإسعاف من كل مكان. وأقبل الناس سراعا: ما الخبر؟ ما الذي يحدث؟ وعمّت حالة من الحزن والذعر والقلق في المخيّم كله. البنت اللطيفة زينب بكل أسمائها وألقابها: 8147 – الجوهرة – أژواد – عاشوراء – الميزان – الغزال.. أصابها الاغماء! إنا لله وإنا إليه راجعون.وبعد ساعات من التهوية والتنفس وصبّ الماء والابتهال والتضرع والدعاء وحرق الجداول والأوفاق ..
استعادت الطفلة وعيها؛ لكنها لم تستعد كامل عقلها. تغير لونها، وتساقط شعرها. وتبدّل سلوكها غلظة، وخشونة، ومرارة لا تحتمل.. فقدت قدراتها الخارقة في جلب السعادة والاسترخاء والراحة وصحوة الضمير. و بدأت الشائعات تنتشر وتفيد بأن مسّها طائف من جِنّ المبيدات.. حسبنا الله ونعم الوكيل .وأمام تفاقم حالة الضجر والقنوط وتدهور صحة الطفلة ونحول جسمها وعجز الأهل والجيران عن فهم ما أصابها.. جيءَ برجل من أقصى المدينة لمعاينة حالها. لمسَ الرجل رأسها وصدرها، وجسّ نبضها وشمّ رائحة يدها، ثم رفع بصره إلى السماء، والناس من حوله حيارى يحبسون أنفاسهم وينتظرون .. وقال: الطفلة متخَلطَ امع “الأعمال”*! مسّها “العمل” الذي مسّ أخواتها وبنات خالاتها من قبل: “مانا” و “روز” و”الجُبنة” و”الزّيت”..
——————————————————*الأعمال: لفظة نمطية تدل في تراثنا اللغوي على ما تدل عليه.