في الرد على القادح في التصوف (2)/ محمد عبد الرحمن عبدي
ويقول محمود شكري الألوسي في رده على مجدد الدين يوسف النبهاني في كتابه غاية الأماني في الرد على النبهاني (الكتاب: غاية الأماني في الرد على النبهاني المؤلف: أبو المعالي محمود شكري بن عبد الله بن محمد بن أبي الثناء الألوسي (المتوفى: 1342هـ) المحقق: أبو عبد الله الداني بن منير آل زهوي الناشر: مكتبة الرشد، الرياض، المملكة العربية السعودية الطبعة: الأولى، 1422هـ- 2001م )): بكفر الطريقة القادرية بكتابتها وقولها”لا إله إلا الله عبد القادر شيء لله”، قال: وقد كفروا بذلك.” ويقول تكفيري آخر في كتابه عقيدة محمد بن عبد الوهاب السلفية:”وكانت البدع والطرق الصوفية خصوصا القادرية منتشرة بين قبائل الهوسا من المسلمين والكثير من رعايا إمارات الهوسا ما يزالون على الوثنية”.(معنى ذلك أن الطريقة القادرية بحسب ما يقول هذا الداعشي ما زادتهم إلا تماديا في الوثنية) (عقيدة محمد بن عبد الوهاب السلفية وأثرها في العالم الإسلامي المؤلف: صالح بن عبد الله العبود الناشر: عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية. الطبعة: الثانية، 1424هـ/2004م)). وقد عرض محمد بن عبد الوهاب في كشف شبهاته بالشيخ الإمام عبد القادر الجيلاني رحمه الله تعالى. ويقول أبا بطين في رده على البردة ( الرد على البردة:بابطين4/ط1))عن الشاذلية:”وقد كان البوصيري شاعرا من الشعراء، ولم يكن من أهل العلم الشرعي، لذلك ضلت به المفاوز فانتسب إلى الطريقة الشاذلية الصوفية المنسوبة إلى أبي الحسن الشاذلي المغربي، وله أوراد مبتدعة تحتوي على توسلات بدعية شركية”.
ويقول التكفيري ابن علي العواجي المتقدم بل المعوج في كتابه المذاهب المتقدم ( المذاهب الفكرية المعاصرة ودورها في المجتمعات وموقف المسلم منها 2/890/ط1المكتبة العصرية الذهبية جدة:”الطريقة الشاذلية البدعية الخرافية وأمرها بالاحتفال بالمولد يكفي دليلا على تلاعب الشياطين بهؤلاء واجتهادهم في إضلال الناس حقا”. ويقول أيضا هذا الأعوج المعوج الناكب عن الصراط السوي في كتابه فرق معاصرة (المذاهب الفكرية المعاصرة ودورها في المجتمعات وموقف المسلم منها 2/890/ط1المكتبة العصرية الذهبية جدة)):”أما الأذكار الصوفية فحدث ولا حرج عن خرافتهم فيها، وقد قدمنا من الأمثلة ما يوضح حال هؤلاء ومدى ما وصلوا إليه من الجهل بربهم والبعد عن هدى خير الأنام، هذا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، لقد اخترعوا أذكارا وشرعوا أورادا ما أنزل الله بها من سلطان، بل اشتملت على الكفر والزندقة في كثير منها والكذب على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم” ..إلى أن يقول:”فمنها الأذكار التجانية التي سبق ذكرها، ومنها أذكار البسطامي والرفاعي والجيلاني والشبلي وأبي العباس المرسي وآخرين كثيرين، ومنها أذكار الطريقة الشاذلية. (فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وبيان موقف الإسلام منها: د.غالب بن علي عواجي3/885-913-1008، 1035-1036/ط4.) “ويقول وهابي يدعى جاد الكريم بكير (صور من الصوفية 10):”.”وهو في موسوعتهم “موسوعة الرد على المتصوفة” (موسوعة الرد على المتصوفة 144/10)” وبكفي الاطلاع على هذه الموسوعة في المكتبة الشاملة تكفر الصوفية على الإطلاق تساوي بينهم وغلاة الشيعة الروافض. يقول: الصوفية خرقوا كل الضوابط والثوابت الشرعية فشرعوا من عندهم أذكارا وصلوات لم ترد في الشريعة الإسلامية وخير مثال على ذلك أفضل ذكر ورد عن النبي”لا اله إلا الله” فالصوفية يذكرون اسم الله مفردا بقولهم “الله الله الله” أو مضمرا بقولهم “هو، هو، هو”..” ومن الصلوات التي ابتدعها المتصوفة صلاة الفاتح التي تقول: “اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق، والخاتم لما سبق، وناصر الحق بالحق….” إلى آخره من ابتداع الصوفية، وهناك ورد أطلق عليه المتصوفة جوهرة الكمال وهي من أورادهم اللازمة التي لها حكم الفرض العيني ونصه “اللهم صل وسلم على عين الرحمة الربانية، والياقوتة….” إلى آخر الخزعبلات التي ليس أمام أي مسلم إلا أن يحوقل ويسترجع ويتعوذ من المكر”فاللهم لا تمكر بنا”.
وهكذا تساوي الوهابية بين المتصوفة والفرق الكافرة الخارجة عن الملة التي لا تعد من أهل القبلة كالقديانية والبهائية. ولو مشينا في كل طرق المتصوفة كل المتصوفة، كل الطرق شرك وكفر عند الوهابية، وكرامات المتصوفة خرافة عندهم هي من قبيل الدجل. لقد كفروا وضللوا المتصوفة كلها الكفر المخرج عن الملة في زعمهم سلفا وخلفا لا فرق عندهم في ذلك، وكان ابن تيمية يموه على أهل زمانه فيستثنى لهم من تكفيره سلف المتصوفة كالجنيد والجيلي خوفا من سيوف أهل الحق.
إن كثيرا مما يدعي هؤلاء على المتصوفة من الحلولية والاتحادية محض الكذب والافتراء على هؤلاء المتصوفة وكل ما يوجد في كتبهم من دسهم عليهم أو من دس أعداء الإسلام عليهم. وهم في طعنهم في مشائخ التصوف، في كل ذلك يقلدون أعداء الإسلام إلا أن أولئك يكفرون بالله رب العالمين وبرسوله صلى الله عليه وسلم وسائر رسله وأنبيائه، عليهم السلام، وهؤلاء يقتصرون في ذلك على أولياء الله تعالى الربانيين الدعاة إلى الله حقا من المتصوفة أدلاء الأمة، وهم كالذي يدعي ملك فناء الدار ليتوصل بذلك أو يسهل عليه ادعاء الدار بأسرها، لأن الذي ينكر كرامات الأولياء يسهل عليه أو هو في طريقه إلى إنكار معجزات الأنبياء أو ينكرها لأن كرامة الولي من معجزة النبي من نتائجها باقية في أمته من أعلام نبوته تشهد بصدقه صلى الله عليه وسلم.
والطعن في أئمة الدين طعن في الدين وفتح لباب نقض الشريعة، ويأبى الله ذلك والمؤمنون. وخاصة معاداة أولياء الله تعالى، المشائخ الربانيين، من يفعل ذلك فقد بارز الله بالمحاربة وورد الحديث صحيحا بألفاظ من عادى لي وليا، آذى لي وليا ، أذل لي وليا، أخاف لي وليا ، أهان لي وليا. وبالمناسبة وقعت طائفة الحشوية في هذا الوعيد لتضليلهم وتكفيرهم وإهانتهم وهدمهم ونبشهم قبور أولياء الله تعالى، بل لم تسلم قبور الأنبياء، فما أجرأهم على الله تعالى!!!!.قال خليل في التوضيح ( خليل بن إسحاق بن موسى ضياء الدين الجندي المالكي التوضيح شرح المختصر الفرعي لابن الحاجب2/269/ط1):”كان مالك رحمه الله تعالى يكره حفر قبور الجاهلية بحثا عن الكنوز التي كانوا يدفنون فيها من الذهب والجواهر قيل خشية أن يصادف الحفر أو النبش قبر نبي”.
والصوفية من جهلهم ليست مذهبا من المذاهب بل هي سلوك تعبدي مقام الإحسان مبدأه وغايته إخلاص العمل لله تعالى وعبادته وفق ما شرع وتزكية النفوس في الجهاد الأكبر(قد أفلح من زكاها) ،أخرج البيهقى في كتاب الزهد الكبير(كتاب الزهد الكبير للبيهقي2/165، رقم 373) وفي تاريخ بغداد للخطيب15/685/ رقم الحديث7292) والخطيب البغدادي في تاريخه والديلمى والمتقي في كنز العمال: عن جابر قال: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم قوم غزاة فقال:” قدمتم خير مقدم قدمتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر مجاهدة العبد هواه”. قال تعالى:(والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين) ، قال الإمام محمد بن الخطيب في تفسيره مفاتيح الغيب (مفاتيح الغيب للإمام الرازي1/1536)عند قوله تعالى(وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما):الجهاد بالنفس والمال والقلب وهو أشرف أنواع المجاهدة، كما قال عليه السلام: “رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر” وحاصل هذا الجهاد صرف القلب من الالتفات إلى غير الله إلى الاستغراق في طاعة الله، ولما كان هذا المقام أعلى مما قبله لا جرم جعل فضيلة الأول درجة، وفضيلة هذا الثاني درجات. قال الزرقاني (شرح الزرقاني على الموطإ1/463/ط دار الكتب العلمية )قال الطيبي: في قوله فذلكم الرباط معنى حديث رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر لإتيانه باسم الإشارة الدال على بعد منزلة المشار إليه في مقام التعظيم وإيقاع الرباط المحلى بلام الجنس خبرا لاسم الإشارة كما في قوله(الم ذلك الكتاب) . قال ابن بطال في شرحه لصحيح البخاري ( شرح صحيح البخاري لابن بطال10 /210/ط1)وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه، وقد انصرفوا من الجهاد: “أتيتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر” . قالوا: وما الجهاد الأكبر يا رسول الله ؟ قال :”مجاهدة النفس”. وقال سفيان الثوري ليس عدوك الذي إن قتلته كان لك به أجر، إنما عدوك نفسك التي بين جنبيك، فقاتل هواك أشد مما تقاتل عدوك. وقال أويس القرني لهرم بن حيان: ادع الله أن يصلح قلبك ونيتك فإنك لن تعالج شيئا هو أشد عليك منهما ، بينما قلبك مقبل إذ هو مدبر، فاغتنم إقباله قبل إدباره، وقال علي بن أبي طالب: أول ما تفقدون من دينكم جهاد أنفسكم. والتصوف هو العمل على تصحيح النيات في أعمال القلوب في الحديث الصحيح(إنما الأعمال بالنيات) (صحيح البخاري1/6/ رقم الحديث1/ط1) بالدعوة لعبادة الله الخالية من شرك الأعمال من الرياء والسمعة وهو مقام الإحسان في حديث جبريل المستفيض المشتمل على كل الدين على الإسلام والإيمان والإحسان عن عمر بن الخطاب وأبي ذر وأبي موسى وأبي هريرة وابن عباس عن سؤال جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان، في قوله “أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك”( صحيح البخاري1/19/رقم الحديث50/ط1)، وصحيح مسلم1/36/ رقم الحديث8، وسنن أبي داود وسنن الترمذي وسنن النسائي وابن ماجة وغيرهم ) قال الخطابي في معالم السنن:”الإحسان هنا معناه الإخلاص” (معالم السنن شرح سنن أبي داود للخطابي4/321/ط1) قال الهروي في منازل السائرين (منازل السائرين1/9/ط دار الكتب العلمية بيروت ) هذا الحديث إشارة جامعة لمذهب هذه الطائفة. وهو ما ترجمه العلامة محمد مولود اليعقوبي في مطهرة القلوب:حد التصوف بألفي حد ترجع كلها لحسن القصد
قال الإمام البيهقي ( الزهد الكبير للإمام البيهقي 290/ط 3/ رقم الحديث 758)في الزهد الكبير: أخبرنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ قال: سمعت أبا الحسن البوشنجي يقول:” التصوف عندي فراغ القلب، وخلو اليدين، وقلة المبالاة بالأشكال، فأما فراغ القلب ففي قول الله عز وجل:(للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم) وخلو اليدين لقوله تبارك وتعالى:(الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية) وقلة المبالاة في قوله عز وجل:(ولا يخافون لومة لائم)”.