خواطر مبعثرة/ محمد فال بلال
1- إن بناء منتخب رياضي كسائر البناءات يبدأ من القاعدة. يبدأ بحفر الأساس وتشييده ليرتفع بعد ذلك لبنة بعد أخرى باتجاه السقف. ونحن أخطأنا عندما بدأنا من جهة السقف.. خسرنا كثيرا من الجهد والمال رغم ما تحقق من تقدم.
كان من اللازم أن نصرف الجزء الأكبر من الوسائل المتاحة و الأموال في تطوير الرياضة القاعدية داخل النوادي والأحياء والمدارس والثكنات، و إدراج الرياضة البدنية في البرامج الدراسية، وبناء الملاعب، و توفير التجهيزات والمعدات الضرورية، واكتتاب مدربين أكفاء.. بهذه الطريقة تتفتق المواهب و تنمو القدرات على الابداع والابتكار. و يتأتى اختيار اللاعبين بشفافية وعدالة.. وتتحول الرياضة شيئا شيئا، بما فيها كرة القدم، من جسم غريب إلى هواية شباب واختيار شعب ومسألة أمة.
– 2- لا يخفى على أحد أن كرة القدم أصبحت مادة علمية تحتاج لمدارس وأكاديميات، ونحن أهملنا هذا الجانب من البناء. لم نهتم بتقوية النوادي وتأطيرها وتمويل أنشطتها، خاصة في مجالات التكوين والتدريب وتنظيم الدوريات و الاحتكاك بالفرق الأجنبية ذات الخبرة العالية للتعلم منها، إلخ.. و عِوضا عن ذلك، كثفنا الجهود و ركزنا على البناء الفوقي، وتركنا القواعد على ما هي عليه. وهذا لا ينفي أن تحسنات طرأت على مستوى النوادي في تفرغ زينه و انواذيبو و أندية أخرى، ولكن الشوارع والمدارس لم تخترق بعد، و الإعلام لم يتحرك، و الأمور ممركزة أكثر من اللازم. هذا بالإضافة إلى غياب رجال الأعمال والمؤسسات المالية عن الكرة، بينما الشركات والأثرياء في العالم هم الرعاة الحقيقيين لأندية كرة القدم.-
3- و من باب “العقل السليم في الجسم السليم” فإننا، مع الأسف، لم نعط العناية اللازمة لرياضتنا التقليدية وما عندنا من ألعاب ذكية وألعاب قوى تطور العقل و تنمي الذكاء وتقوي الذاكرة .. أهملنا كل شيء وتركنا تراثا غنيا يضيع بين أيدينا مما أضفى على حياتنا نوعا من الرتابة والملل والاكتئاب. أعتقد أننا لو عملنا على تطوير الرياضة بمفهومها الواسع على نحو يجمع بين الإفادة والمتعة، و بين الأصالة والحداثة لكانت النتائج أحسن. لماذا لا نتجه إلى تنظيم مباريات و بطولات في ألعاب تقليدية على غرار “الرماية”، مثل ظامت، و ادقوقه، و هَيْبْ (شات)، ولعب الدبوس، و السيگ، و اكرور … ولماذا لا نفكر في “إقران” أو “توأمة” الألعاب الحديثة والألعاب التقليدية مع بعضها البعض.. مثلا، “توأمة” كرة القدم مع الرماية.
– 4 – لا ينبغي أن ننظر إلى نتيجة مباراة رياضية على أن أنها خسارة دراماتيكية. ولا ينبغي أن يجعلنا الخروج في الدور الأول ننسى المجهودات الطيبة التي أدت إلى تأهلنا أصلا للبطولة. ثم دعونا نقول بأن هناك دولًا عظيمة وأمما كبيرة لم تنجح أبدًا في كرة القدم، ولم تمت بسبب ذلك ولم تتراجع إلى الخلف. إن الدراما الحقيقية و المصيبة هي أن نخسر الكرة، ونخسر معها مشاعر المودة والمحبة بيننا بسبب الانفعال والمبالغة في جلد الذات.هذه مجرد خواطر مبعثرة لا ترقى إلى مستوى أفكار ومقترحات، ولكنها خواطر قلب عاشق ولهان ومحب قديم لكرة القدم.والله المستعان.