“ما ضاع حق وراءه مطالب”/ عبد القادر ولد محمد
للناس في السعي إلى تحقيق مطالبهم المشروعة طرق مختلفة فمنهم من يعتقد بأن الحقوق لا تعطى و انما يتم انتزاعها بكل الوسائل المتاحة و لو تطلب الأمر خصومة حادة و منهم من بسكت على انتهاك حقوقه الثابتة مراعاة لاخلاق المحتمع أو لمصلحة ما أو لحاجة في نفس،يعقوب.. و بين هذا و ذاك يوجد طريق وسط يتعين سلوكه مع الإدارة العمومية حسب ما بدا لي من تجربتي المتواضعة في جهاز الدولة..
صحيح أنني كما قلت مرارا و تكرارا لتلاميذ المدرسة الوطنية للإدارة، لست مثالا للموظف النموذحي الذي يحتذى به، لانني ببساطة تسلقت جدار الوظيفة العمومية من باب العمل السياسي في عهد سابق، قبل أن تسدعيني الدولة ممثلة بوزير الخارجية في عهد لاحق موظفَ مهمة، لكنني – و قلتها أيضا مرارا وتكرارا- احتفظت لنفسي مع مراعاة ما يلزمني من واحب التحفظ، بحقي في إبداء رأيي سرا، و علانية عند الاقتضاء، حول مشاكل موريتانيا. و قلت لمن يريد أن يسمع ذلك إني لا أرغب في التعيين بالمناصب العليا اذا كان مشروطا باخراحي من دائرة السجال العمومي حول قضايا الوطن الكبرى . . و أرجو أن تكون الرسالة وصلت قديما و حديثا لمن يهمه الأمر و أن لم ثصله كان الله و بقي …
و مع ذلك لدى راي كثيرا ما عبرت عنه على وجه النصيحة لشباب الموظفين الديبلوماسين و غيرهم ، مفاده انني بقدر ما أفهم جيدا مرارة الظلم و الاقصاء و سوء الاختيار في التعيينات و الترقيات، الى غير ذلك من إخفاقات تسيير المصادر البشرية في جهاز الدولة، أعتقد أن الموظف النموذجي مطالب بانتهاج سلوك متزن في علاقته مع إدارته.. ولذلك لا يتبغي أن يدفعه الاحباط إلى إخراج الأمور عن سياقها… فالتظلم الإداري، و حتى اللجوء إلى العدالة للطعن في القرارات الإدارية التي قد يتضرر منها موظف بعينه، كلها حقوق مشروعة يكفلها القانون و لا ينكرها إلا التافهون، و غيرهم من المتملقين الذين تسلقوا جدران الوظيفة العمومية بالنفاق و النميمة و التسول السياسي.. و هنا تبقى الأخلاق هي المعيار، الأساسي للتميز بين طبقات الموظفين .. فشرف الموظف المظلوم يكمن في قدرته على المطالبة بحقوقه انطلاقا من قاعدة “ما ضاع حق وراءه مطالب” ، مع المحافظة على سلوك يبعده من شخصنة الأمور، و من التجريح الشخصي المعروف عندنا شعبيا بـ”العيب” الذي لا يضر عادة الا قائله.. وعليه أن يعي في مساره الإداري بأن احترامه الشخصي لمدونة سلوك موظف الإدارة العمومية من شأنه أن يعزز حجته، و أن يجعل منه يوما ما الموظف المطلوب. و أن مطالبته لادارته بالانصاف ستكون في نهاية المطاف اقوى اذا تمسك بما يلزمه من واحب التحفظ لحل مشاكله الشخصية ..
ذلك هو نهج الموظف النموذجي .. و هو على وجه الخصوص مبلغ الديبلوماسية..
عبد القادر ولد محمد