canlı casino siteleri casino siteleri 1xbet giriş casino sex hikayeleri oku
آراءموضوعات رئيسية

الكرة و التجارة والسياسة والانقلابات.. / سيد احمد ولد باب

بدأت كتابة هذه الورقة في الدقيقة الخمسين من نهائي كأس أمم إفريقيا قبل يومين، في بيئة من الصخب الصوتي المتقن صادر من شاشة صغيرة بالقرب مني. و هذا الصخب، خلطة عجيبة من أصوات معلقين فرنسيين منحازين مع ضجيج جماهيري لا أعلم إن كان حقيقيا أو اصطناعيا.

بداية يجب التنويه بأنني لم أعد أهتم بالألعاب الرياضية التنافسية (المسيسة) بين الحواضر و البلدان… لم أعد حقيقة ذلك الشاب الغافل، الشغوف بمتابعة كرة القدم و المنهمك في جمع المجلات المتعلقة بها مثل مجلة “افرانس فوتبول” التي كدست منها أعدادا هائلة حتى خيل الي أنني ممثلا لها في بلدتي النائية ومجلة “لكييب “..و هاتان المجلتان كانت أيامها تلعب نفس الدور الذي تلعبه اليوم “بيين اسبورت” و “كنال”.

انها أيام كان باولو روسي و رومنيغه و ابلاتيني و بلانوف و مارادونا و بلومي و روجي ميلا صناع سحر جميل. أنا اليوم فهمت و لو متأخرا أن ما كل ما يلمع ذهبا و أن معظم العروض الصاخبة رياضية كانت أو ثقافية في زماننا هذا تظهر ما لا تبطن.

و أقل ما في أمر كأس أمم إفريقيا مثلا أنها تعمل على ترسيخ ظلم، للشعوب الأفريقية المسكينة طال أمده… كما إنها تعمل على ردم الجراح و محو ذاكرة الشعوب. و لأنه كذلك فلا بد من وقفة عصية على ذلك تماما كما فعل أناس قبلنا.

إن تاريخ البشرية مليء بانتهاك كرامة الإنسان و كما لم نقبل نسيان الجرم في حق الهنود الحمر، و لم نقبل نسيان تجارة الرقيق الرهيبة في مزارع قصب السكر، و لم نقبل نسيان النكبة الكبرى في فلسطين؛ فلا بد أيضا أن لا نقبل نسيان جرحين قائمين للان في جيلنا. أولهما قديم جديد و هو استمرار وجود جيوب من الاستعمار المباشر للشعوب على هذه الأرض رغم انكشاف شنآنه في عالم شهد طفرة من حرية الإعلام والاطلاع لم يكن علي بال أحد؛ وهي الجيوب التي قد تكون لنا بها علاقة ارتباط وطيدة. و ثانيهما هو نكبة الربيع الدموية التي ما زالت تقتل بدم بارد و تهجر بمرارة شعوبا كانت بالأمس القريب آمنة مطمئنة في مهد أجدادها وهو مهد حــــضارتنا…*****

لقد تابعت بعض مباراة الكأس الأممية الحالية و لا أعرف حقيقة أية بعوضة لدغتني لأفعل ذالك. أنا الذي عجزت ذات يوم (منذ عشر سنين) عن الحصول علي تاكسي بشوارع داكار قبل أن أكتشف ما لم يكن لي به علم وهو أننا في كأس إفريقيا و أن السنغال تلعب حينها ضد ساحل العاج. حمدت الله على حالي وعدت إلــــي بيتي منتظرا انتهاء المباراة و عودة الحياة إلى مجراها الطبيعي. و حتى و إن لدغتني بعوضة ما لتعيدني للشاشة الصغيرة فحمدا لله كذلك أنني عدت يقظا لا غافلا و متمعنا في الأمور لا مستقبلا أعمي لها أو هكذا أعتقد حالي.******

يجدر بالذكر هنا أن الألعاب الرياضية بين الأمم هي حقيقة، في أصلها، عبادة وثنية. فالألعاب الألومبية التي دامت عشرة قرون، كانت تقربا لملك آلهة اليونان المقيم بمدينة أولمب الذي يدعى زووس. و ما نهايتها إلا بأمر ديني من إمبراطورية روما المسيحية المتمكنة من العالم في القرن الرابع للميلاد. أما الألعاب الرياضية الأممية الحديثة و التي ظهرت بإيحاء من الأولى إثر حفريات أثرية أظهرت آثارها و ذلك بعد ردم دام خمسة عشر قرنا، فقد صارت بسرعة إمبراطوريات كونية قوية لا مكان فيها إلا لعبادة رأس المال العالمي وعبادة تسلط الأقوياء على الضعفاء. ذلك رغم أن البداية كانت طيبة و قد كانت مبنية على قيم مثل محاربة التمييز بين أفراد البشرية ومثل إضفاء لمسة إنسانية علي الحراك البشري في هذه الفانية، ومثل تقوية أواصر التضامن و المحبة بين شعوب العالم…

و من الشواهد على انحرافها عن مسارها النبيل الأول كونها، في مجال الاقتصاد أداة لفرض منتجات معينة على الكون بأسره. و ما كوكاكولا و منتجات أخرى خادشة لقيمنا لا داعي لذكرها هنا ببعيدين من ذلك. و كيف لكأس بين أمم تدعي السيادة أن تسمي كأسها كأس توتال أنرجي ؟و من الشواهد السياسية على انحرافها عن المثل، استخدامها كأداة لتلميع الأنظمة و الأمثلة على ذلك كثيرة منها مثلا ما قام به نظام موسيليني الفاشي في ايطاليا في أول كأس عالمية لكرة القدم تجرى على التراب الأوربي والتي استدعى لها مئات الصحفيين الأشهر في العالم ليشتري أقلامهم من أجل تمجيد الإنسان الإيطالي المختار و التي اشترى فيها كذلك لجان التحكيم ليتوجوا إيطاليا بطلة على العالم بأسره. وهذا الأسلوب اتبعته دول حلف وارسوا طوال نصف قرن مستفيدة من دوراتها الرياضية الجماهيرية الخاصة المعروفة باسم “اسبارتاكياد” لإظهار أفضليتها على غريماتها من الدول الرأسمالية.

و من الشواهد أيضا، ما تقوم به فرنسا من انتهاز كأس إفريقيا بالخصوص لضمان استمرار استغلالها لمستعمراتها السابقة التي تتكرم عليها بسخاء بنصف ثروات فقرائه، ليستفيد منها المتسكعون في شوارع باريس وليون و أخواتهما، في مأكلهم و مأمنهم مقابل تمكين النخب الفاسدة من التحكم في مفاصل السلطة في تلك البلدان؛ و هي النخب التي تسرق الفقراء لتعطي للأغنياء. عكس لص الفقراء روبين دي بوا الذي يسرق على الأغنياء لينعم الفقراء بغنائمه…

و نحن في “افرانس-أفريك” لابد أن نعرج على ظاهرة الانقلاب المصاحبة لكأس أفريقيا… أذكر مثلا أن لمشاركة النجم الغاني أبيدي بيليه الساحر في كأس إفريقيا للأمم لسنة 1996 دور في نجاح انقلاب الضابط الحر ابراهيم ميناسرا على رئيسه في النيجر. كانت شوارع انيامي في صبيحة يوم مباراة غانا ضد الكونغو الديموقراطية خالية من كل شيء ما عدا أصوات الاذاعات و التلفزيونات المنبثقة من نوافذ البيوت المطلة عليها و الممجدة لتلك المباراة، و لابد أن أهل القصر كانوا مثل بقية شعبهم خلف التلفاز لمتابعة إبداعات نجمهم الساحر دون أي احساس بانقلاب على الحكم في الوقت الذي كانت تتم فيه مباغتتهم من طرف أسيادهم الجدد، و دخولهم الى القصر و اقتياد السابقين ألى السجن قبل انتهاء المباراة.. و لابد أن مشهدا مماثلا هو ما حصل للرئيس كابوري في بوركينا فاسو في يوم تحضير بلاده لمباراة مهمة في الربع نهائي كأس إفريقيا الأخيرة و لابد أن انجازات غينيا بيساو في نفس الكأس هي كذلك ما هز الأركان في تلك البلاد.

أما والحال هو كما حاولت وصفه أعلاه فإننا لم نسمع من إفريقيا المنتهكة إلا صوتا رافضا واحدا.. إنه صوت العقيد معمر القذافي حين استضافها في طرابلس ليس إعجابا بها أو بحثا عن تلميع نظامه بالفوز بها بل ليلقي خطابا تاريخيا ضد أهدافها مكررا فيه قولته الشهيرة “لا للكأس نعم لإفريقيا”..

عودة هذه المرة إلى جو كتابة هذا النص. فقد واصلت كتابتي له و أنا أختلس الاستماع لمجريات المباراة في الشاشة خلفي حتى بلغوا ركلات الترجيح… عندها تركت الحاسوب و خرجت بمقعدي إلى باحة المنزل الخارجية. فأنا لا أحب أصلا ركلات الترجيح و فضلت أن أعرف من الشارع من هو بطلنا الجديد لا من ركلات الترجيح. و ما هي إلا دقائق قليلة حتى تزلزلت الأرض و تطايرت الأصحان و خرج الأطفال و الرجال و النساء و كأنهم يأخذون ثأرا على قساوة الحياة في أفراح عابرة يجسدها فريق لكرة القدم.

لم يساورني عندها أي شك أن السنغال هي البطل الجديد ذلك لأن الحي الذي أسكن حي صيادين فيه جالية من ذلك البلد الشقيق و موالون ثقافيون كثر له.

لعل بعض هؤلاء الغافلين المتطايرين فرحا الآن سيفيقون يوما ؛ وعندها يندمون كما ندمت أنا على ضياع وقت ثمين لا يعوض في ترهات لا تسمن و لا تغني من جوع و سيرغبون في استهجانهم لذلك مثل ما أفعل أنا اليوم أو أفضل…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى