الحب في زمن الانترنت/ نوال عايد الفاعوري
مشكلة الحب إنه صار كائن مشّوه، محدش بعرف وجهه الأصلي. اللي شوهوا الحب واستغلوا اسمه ككلمة سر من حرفين، مش آمنة وسهل اختراقها، للوصول لـ”جسد” البنت كجزء من مكونات الأنثى اللي بيدوروا عليه، لا يقلّوا قلة حياء عن اللي شوهوا الحب باعتباره حالة إنسانية مختزلة في يوم في السنة ومبنية على قديش بإمكانك تعطي مشاعر بدون حساب وبكل وقت بدون ما يكون فيه نصيب لأي مشاعر ثانية طبيعية لأي كائن حي!
وبين الطرفين ضاعت فكرة الحب الأساسية اللي بعرفش أشرحها بنظريات فلسفية، بس فيه سؤال بسيط وغريب هو اللي بيجاوب عن فكرة الحب .. (ليش بتحب فلان؟ عشان بحبّه!) وعلى بساطة هذا الجواب الفلسفي إلا إنه تعبير حقيقي وصادق عن فكرة الحب اللي جاية للأسف في الوقت/الزمن الضايع!
كل الصور والمنشورات والقصص تبعت صفحات السوشيال ميديا الرومانسية اللي مش ملاحقة على بعض، لازم تفهمي يا عزيزتي شغلتين مهمات عنها:
العالم الهلامي تبع ديزني لاند وبوكاهانتوس وحورية البحر والأميرة تبعت علاء الدين، بالإضافة لعالم إم بي سي ماكس ومخلّفات التايتنك وشلّة الأشياء اللي إلها علاقة بالحب السينمائي من أفلام الستينات الهبلة، مضيوف عليهم فشخرة الكذابين والكذابات والدباديب والدبدوبات وقلوب الحب الحمراء والكلبات من آل أنستغرام وتويتر والفيس، كل هدول يا ماما أشياء بتصير في أي مجتمع من مجتمعات أفلاطون اللي عاش ومات وما شافها!
اختزالِك للحب، سواء كنتي متزوجة ولا لأ، في مظاهر ومنشورات ومطاعم وهدايا ورسائل بخط حلو وقصائد حتى، واعتقادك إن هذا الجو تبع “.. تشعر بالحب” رح يكون 24 ساعة/7 أيام في الأسبوع هو اعتقاد ناتج عن ضريبة القيمة المضافة اللي فرضتها الحكومة حتى على الحب!
الشغلة التانية وهي الأهم:
الحياة بتمشيش من غير كذب، ولا بأس بالقليل منه!
كلنا بنمارس الكذب بأي شكل من الأشكال، هو بيحكيلك إنك أحلى واحدة في الكون رغم إنه عرض أزياء بسيط لدار عرض من الطبقة التسعطعش في هنغاريا رح يغير رأيه ونظريته عنك، وإنتي بتحكيله إنك بتشجعي برشلونة بس نفسك تتفرجي على مباريات الريال ، وإنك بتحبّيه وبتموتي فيه وبتعشقيه رغم إنه أول “تتش” بينكم رح تكرهي على سلالته وصولاً للجد العاشر!
لكن الحياة برضو فيها كل المشاعر الإنسانية الطبيعية لأي بني آدم متواجد في مجرة درب التبانة، ومش بس الحب، فيها غضب، حزن، فرح، ألم، خذلان، سخرية، بطاطا مسلوقة، إنبهار بالفلفل، فيها كل شيء .. وكوْن الحب إحدى هاي المشاعر الإنسانية لا يعني إنه بقية المشاعر مش موجودة، الفكرة بس إن الإنسان بيدوّر على اللي بريحه، ومش مستعد يفكّر أو يتوقع أسوأ الاحتمالات، واللي بعمل زي هيك بقولوا عنه “متشائم” وبنصحوه يروح دورات تنمية بشرية علشان يتعلم كيف ينبسط بمجرد إنه يغمض عينيه ويشلح جزمته!
أما الشطّورة المؤدبة اللي قاعدة وراء هناك جمب الشباك ومشبّكة إيديها وبتابع صفحات الرومانسية “الإسلامية”، جماعة: بالحلال أحلى، ويارب إجعله من نصيبي، وما أجمل الحب لله .. إلخ، فمشكلة الصفحات هاي مش بس التخيل الخرافي الفظيع اللي بعيّشوا فيه البنات -بالحلال-، المشكلة الأعوص إن الجزء التاني والأكبر من الحياة محدّش بجيب سيرته، ولما أقولك الجزء الأكبر من الحياة فـ لأن الحياة زي “سناب شات” تقريباً، اللي بنشوفه هو مقطع 10 ثواني من يوم إنسان بيقول عن حاله إنه مبسوط ومكيّف ويشعر بالحب والسعادة والفرحة، لكن فعلياً الـ10 ثواني مش كل اليوم المكوّن من ستة وتمانين ألف وأربعمية ثانية .. تخيلي!
لفت نظري في هالصفحات شغلة بس بدي أحكيلك ياها:
مش لازم حبيبك/زوجك يكون بلحية خفيفة، شبه مهند، ولابس بدلة سوداء 24 ساعة، ومتأنتك، وعسول، وشطور، ومعه سيارة مرسيدس بدون سقف، ومصاري قد شعر راسك يلف فيها معك كل دول العالم، وبصلي قيام ليل معك، وبقرأ قرآن بعد العصر إنتي وياه، وبيبوس جبينك قدام أهله وحبايبه وقرايبه، وبالتأكيد مش لازم ولادك يكونوا شبه الولد اللي بيجي في إعلان بامبرز ولا البنت اللي في إعلان شامبو جونسون، وبكل الأحوال مش لازم كل بنات الجامعة والعيلة وحارتكو والحارة اللي جمبكم يحسدوكي عليه!
ولا الحياة كلها طشّات ورحلات وزيارات وحلويات ومشويات ومفاجآت وهدايا وكل الحاجات الحلوة هاي!
ويا ستّي،
أنا بقولّك كل الكلام اللي فوق علشان مصلحتك، وعلشان ما تنغرّيش بس ..
لو مش مصدقّة، براحتك، بس مِن اليوم جهزي حالك بعد الزواج لمنظر الفانيلة والبنطلون الداخلي الأبيض!
وهابي فالانتاين دي ..