الشرق قادم../ محمد فال بلال
كنت كثيرا ما أسأل وزراء و خبراء و مسؤولين في حلف النيتو كلما لقيت أحدهم: “لماذا تعملون على توسيع و توطيد الحلف و قد فزتم في الحرب الباردة لدرجة انهيار عدوكم، الاتحاد السوفياتي؟ و حتى الآن لم أجد من أي منهم جوابا واضحا على هذا السؤال.و بعد طول تمعن و نظر، وجدت أن النيتو أصبح مثل “العاطل” يبحث عن “دور”، أو “اليتيم” بعد وفاة الاتحاد السوفياتي وذراعه العسكري، حلف وارسو؛ لأنه في ظاهر الأمر لم يبق مبرر مقنع لوجوده.
إذا كانت روسيا مهزومة وضعيفة، فلِمَ الانفاق و الاستثمار في حلف عسكري لا يحارب شيئا؟ و إذا كانت مصدر تهديد، فلماذا التعاون و الشراكة معها ضمن ما يعرف ب “عقد التأسيس روسيا – النيتو 1997″؟ .. أسئلة بلا جواب حتى الآن.
اليوم، بات من الواضح أنه بقى من روسيا ما يملأ القِدرَ، و أن الهدف من الحفاظ على النيتو و توسيعه و توطيده ليس روسيا أصلا ، بل هو احتواء “الشرق” دولا وحكومات وثقافة و حضارة؛ الأمر الذي يمر حتما بإضعاف الدب الروسي و إشغاله في نفسه و محيطه المباشر بعد أن فشلت كل محاولات ترويضه والسيطرة عليه بالثورات “الملونة” و الاختراق الايديولوجي و حروب “القوقاز .
بات من الواضح أن المواجهة مع روسيا تهدف إلى “صقل” أوروبا و “تحريرها” بالمطلق قبل التوجه شرقا. وتمتاز روسيا مثل تركيا بكونها تنتمي للقارتين الأوروبية و الآسيوية.
الخطة واضحة، ولكن عاصفة قوية تختمر من الشرق، و سوف تجري بما لا تشتهي السفن الغربية. فماذا بعد موقف الصين و الهند و باكستان و كوريا الشمالية و إيران الرافض – في آن واحد – للتصويت مع القرار الأمريكي – الأوروبي ضد موسكو في الجمعية العامة للأمم المتحدة؟ ذلك التصويت يحمل – في نظري المتواضع – رسالة واضحة مفادها أن شيئا ما يتحرك في الشرق!