إلحاق … وهل يجب على الدولة ترحيل الزوج بالإكراه إذا رفض/ المرتضى محمد اشفاق
إلحاق…....وهل يجب على الدولة ترحيل الزوج بالإكراه إذا رفض، وتعلل بمرض غيرِ باديةٍ عليه آثارُه، تطبيقا لحكم أمير المؤمنين، فنرى قوات الأمن تحاصاره، وتسد كل منفذ يتوهم منه فراره، فيتساءل الناس عن داعي ذلك، ثم يتبينون أنها مداهمة لزوج فار، يرفض اللحاق بامرأته…يروى أن تاجرا أضاع سجل دَيْنه، ثم علم أن الماعزة أكلته، فقال(يَسْوَ انْدَوْرْ بَعْدْ نِحْتَاطْ)، وشرع يسجل الدين المفقود في سجل جديد بمبالغ مضخمة، ووثائق منفوخة..د
أبت المجتمعات التقليدية، جماعة مساجد ومرجعيات مؤثرة في القرار إلى الدعوات المتكررة لتخفيض المهور، رفقا بكل الأطراف، وتشجيعا على الزواج الذي به يعصم الإنسان نصف دينه، فحدد البعض مبالغ يسيرة للمهر لا تنزل عن أقل مجزئ فيه، ودعا إلى إلغاء أو تخفيف النفقات المصاحبة، من مأدبات تراق فيها دماء أمم من البهائم، ويتلف فيها مال كثير في غير نافع ولا مستهلك إلا في غرور وفضول…
حزن الشيطان، و(حكم نواظره)، وقال ما قال صاحبنا(يسو اندور بعد نحتاط)، فأقبل في جنده من الأبالسة، والمجندين والمجندات من ولد آدم على شق قنوات صرف بسعة غير محددة، فظهر بعضها باسم مأدبة الخطبة يأتيها نفير مختلط، من شيب ابيضت حدائق قياهلهم، وحفرت في وجوههم عجلات الزمن أنفاقا وأخاديد يضيع فيها الفأر والخفاش، ونساء غابت أجساهدن وراء طبقات من محاليل الزينة، وعلب التلوين الطائش، يصارعن الزمن فيصرعهن بلا جهد، تغطي ذلك كله ملاحف رقيقات ترى من تحتها منابت الشعر، ودبيب الصيبان…
ثم تأزف آزفة العقد، فيغرق الناس في أيام من أيام الشيطان، بذخا، وإسرافا، واختلاطا، وتماسا، وغفلة، يخيل إليك أن أصحابها لم يسمعوا برسالة اسمها الإسلام، ولا برجل اسمه محمد صلى الله عليه وسلم، أما عن الموت وأحواله، والقبر وأهواله، وسؤال الملكين وضجيعُ الثرى يسمع قرع نعال مشيعيه من أهل وأحبة، يغادرونه بلا رجعة بعد أن أودعوه الحفرة وخلوا بينه مع أعماله، والحديث الذي فيه لا تزول قدما امرئ حتى يسأل عن ماله مم اكتسبه، وفيم أنفقه، فهذه الشدائد كلها قد غيبها الشيطان فلا تسمع لها ركزا…
باختصار هي أيام يأخذ فيها الناس إجازة عن شريعة رب العالمين، فتتعطل أوامره ونواهيه ولا يبقى فيهم رجل رشيد…في قرى المجتمعات المحافظة ظهرتمواكب السيارات بمنبهاتها المزعجة تقطع هدوء القرى بعد أن يخلد الكبار والضعاف وأصحاب الوضعيات الخاصة إلى حصائر النوم، وأبواق الأغاني والصراخ بالتافه الخادش تزلزل سكينة الليل، وتقتل وقار الأمة..في محرقة المال والأخلاق، يطور الشيطان شراكه، وينوع الطعم لاقتناص الضحايا، فتظهر قنوات أوسع لإتلاف المال، منها الدفع المسرف للضافرات، والمُحنيات، والمنمصات، وللمُرقِّقَات الحواجب، والمهيدنات بزور وبهتان، مع ما تشترطه المتفيقهات من المُفْتِيَات في فقه الزينة والتبرج من غالي ثياب لا تعمر إلا ساعات، ونحر وذبح، وأطباق تعد للتصوير في غالي دور الحفلات وراقي المطاعم على أن لا تمتد إليها يد تغير أشكالها حتى(تُسْنَابَّ)، ويغادرها الجمع أبكارا لم يَبْنِ بها ضرس ولا لسان..
ثم تبدأ مسلسلات لا نهاية لها من أودية ذئاب الدعوات عشاء، وغداء، وإفطارا، وأرزاقا بين ذلك تتلف في غير مصنف ولا محضَّر سلفا…فتمتد دعوة العريس أياما تباد فيها قطعان، وتهلك فيها أموال كافٍ ثمنُها لنفقة حي من الفقراء شهرا كاملا دون تقتير..ثم تبدأ دعوة العروس لصويحباتها مع من خف وقارهم، وغاب حياؤهم من الرجال، وتنطلق حرب السلاح الأبيض على مستوطنات البهائم، فتسيل أودية بقدرها دما، وإنك لترى كومات اللحم مرمية في المزابل وعلى أحواض المراحيض، تمر عليها القطط والكلاب فتعافها لكثرة ما تراكم في بطونها منها…والمفزع حقا هو غياب بدعة متبعة في المناسبات اللاحقة، فخلَفُ المناسبات يلعن سلَفَها، ويصمه بالبخل والشح…فينشد لسان حال القوم:رب يوم بكيت منه ولماصرت في غيره بكيت عليهالمال شقيق النفس، والإنسان السوي يموت دون ماله شهيدا، وقد أثنى الله على المجاهدين في سبيله بأموالهم وأنفسهم، فقدم ذكر المال على النفس..لكن المال المتدفق بسخاء في هذه المناسبات يثير الرعب..ويظهر الريبة في أصوله…
لا يهدر ابن آدم عرق جبينه سفها وعبثا، كيف يقتل الإنسان بعضا من نفسه؟ أما المال المكتسب بالباطل فلا يمكث في اليد، ولا يقر في النفس، كما قال المتنبي:ومن ملك البلاد بغير حربيهون عليه تسليم البلادفي جو البذخ هذا، والفساد والإسراف، يوجد في المدينة والحي الذي تحدث فيه كل هذه المفاسد، والمناكر أولو أرحام يلبسون الأطمار، وآخرون لا توقد في بيوتهم نار، ومرضى في الحجز تتراكم وصفاتهم على بعضها لضيق ذات اليد، وفقراء لا يسألون الناس إلحافا…كيف ترجى بركة، وصلاح ذرية لبيت أسس من أول يوم على التبذير، والاختلاط، وارتكاب فادح المخالفات…
ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصي بالنساء خيرا، ومن الخير للنساء أن يستبنَّ سبيل الرشاد، ويُذَكَّرْن بحق الله، وأوصاهن صلى الله عليه وسلم بفعل الخيرات، والمعروف مذكرا إياهن أنه رآهن أكثر أهل النار… فعن عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاء)َ رواه البخاري ومسلم، وقد وردت معاني هذا الحديث في أكثر من حديث ومقام… وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث رواه مسلم أنه قال : ” صنفان من أهل النار لم أرهما بعد : رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات على رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا “..
في حادثة شكلت نازلة فقهية اختلف فيها كبار العلماء، باحثين عن مسوغات نفي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لنصر بن حجاج لا لذنب اقترفه، ولا لجرم ارتكبه، سوى أنه لاحقته لعنة الجمال، وافتتنت به بعض نساء المدينة، وقلن فيه شعرا، هل من سبيل إلى خمر فأشربها أم من سبيل إلى نصر ابن حجاج فاستدعاه عمر فرأى حسن صورته، فحلق شعره، فما زاده ذلك إلا حسنا، وازدادت النساء به تعلقا، فلم يجد أمير المؤمنين بدا من نفيه إلى البصرة، ورأى العلماء أن المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة: يقول ابنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: مِنْ القواعدِ الكلِّيَّةِ أَنْ تُدْرَأَ أَعْظَمُ الْمَفْسَدَتَيْنِ بِاحْتِمَالِ أَيْسَرِهِمَا ، إذَا تَعَيَّنَ وُقُوعُ إحْدَاهُمَا ، أي أن نَفْيَ رجل واحد أخفُّ وأقل ضررا على الأمة من فتنة نساء عديدات…
حدثني أحد الإخوة أنه حضر دعوة عرس في قريته، وفوجئ بقطيع من الصبايا متشابهات كفريق كرة قدم ياباني، فما شك أنهن وافدات من بلاد أخرى، قبل أن يسمع إحدى العجائز تسميهن، وذكرت فيهن بناته، وقالت إنهن كن يمتشطن في القرية المجاورة…أخواتي العزيزات حين نذكر المرأة في الله، ولله فإننا نرتفع بها عن المزالق والشرور، إلى حيث حدد نبي الرحمة فوزها وصلاحها، فهل تجد النساء في أنفسهن موجدة من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟؟ فالمرأة أمٌّ وكفى، ولا نقول في حقها عبارة التقيد بشرع الله كما هو شائع، ولكننا نقول التحرر بشرع الله من عبودية الجسد والشهوانية المفضيتين إلى التباب والخسران…
الإسلام أخواتي الكريمات إخوتي الكرام جاء ليحرر الإنسان من استعباد الإنسان والشيطان والبهتان، هو دين العدل والمساواة فمتى طلبنا سعادتنا في غيره شقينا، ومتى رمنا هدايتنا في ما سواه ضللنا، ومتى رأينا حريتنا خارجه ظللنا عبيدا وأشقياء، جعلني الله وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه…