canlı casino siteleri casino siteleri 1xbet giriş casino sex hikayeleri oku
آراءموضوعات رئيسية

المغرب: الشغب الرياضي ومتتالية حالات الانتحار من مخرجات سياسات التفقير و”التضبيع” و”الداروينية الاجتماعية”/ د. طارق ليساوي

كان في نيتي إتمام مقال “تدويل “اليوان” أحد أهم أولويات القيادة الصينية، وهل تستطيع السعودية التحول من “البترودولار” إلى “البترويوان”، لكن و أنا أتابع الأحداث في وطني المغرب طيلة الأيام الماضي أثار إنتباهي حدثين بالغي الأهمية، و ليسمح لي أولئك القراء و الملاحظين، الذين ينتقدون الكاتب و يتهمونه بأنه يشوه صورة المغرب عندما يركز على السلبيات، و للأسف، لا يدرك هؤلاء أن مهمة الصحافة ووسائل الإعلام الحرة و المواطنة، كشف السلبيات لتوجيه الرأي العام إليها، و الضغط بإتجاه إصلاح مواطن القصور و بؤر الفشل، فعلى العكس نحن بتركيزنا على السلبيات نساعد في التغيير و الإصلاح، لأننا نوجه الأصبع إلى مكمن الداء و جوهر المشكل و منبع الخطر  ..أما الإيجابيات فهي لاتحتاج لمن يروج لها لأنها تظهر للعيان، كما أن  و سائل الإعلام العمومية و شبه العمومية ” تجعل من الحبة قبة” و الحدثين هما :

أولا- الشغب والفوضى التي عمت المركب الرياضي الامير عبد الله بالرباط بعد هزيمة الجيش الملكي أمام المغرب الفاسي يوم الأحد الماضي..

الثاني- وفاة الشاب ” زكرياء الشويخ” يوم الأربعاء 16-03-2022 بالمستشفى الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء، بعدما أقدم المرحوم بإذن الله تعالى، على حرق نفسه في بث مباشر على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، قبل أزيد من أسبوع، بعدما نقل قصة “الحكرة” التي تعرض لها بسوق السمك..

وقد  روى ” زكرياء الشويخ” رحمه الله و ألهم ذويه الصبر و السلوان، قصة تعرضه لـ”الحكرة” في تسجيل مباشر على “فيسبوك”، بعدما دخل سوق السمك، واكترى “عربة” للعمل بها، فتعرض له أشخاص “سماسرة” بالسوق الذين طالبوه بمبلغ مالي..وأضاف الشاب قبل حرق جسده، أنه “بدأ العمل بشكل عادي، حتى تشاجر مع أحدهم، وبعدها قدم شكاية في الدائرة الأمنية الهراويين، وصاحبته الشرطة إلى السوق لتلقي القبض على المعتدي عليه، ولكنه حسب تعبيره “ لم يأخذ حقه لأن المعتدين عليه لهم سلطة مالية، ولم يستطع أن يأخذ حقه بيده تفاديا لدخوله السجن” حسب قوله..ورفض الشاب المنتحر حرقا في حديثه أن يطلق سراح المعتدي عليه، وهو ما أدخله في أزمة نفسية حسب تعبيره وأوصله إلى إضرام النار في جسده…

للأسف، هذه الأحداث المؤلمة تتكرر في  المغرب، و كم أشعر بالأسف و الخجل من الكتابة عن هذه المواضيع و الألام الإنسانية، و منشأ هذه الأحداث المأساوية ليس نذرة الموارد و إنما سوء التدبير، و تغليب الولاء على الكفاءة و الدراية في اختيار من يتولون مناصب المسؤولية مهما كبر أو صغر حجمها، سوء الادارة و اختيار الأكفاء لا يضر فقط بالأدمغة و يهدر موارد البلاد و طاقاتها البشرية، بل إنه يزهق أرواح مواطنين لا ذنب لهم إلا البحث عن لقمة العيش، و هو ما جعلنا في المغرب للأسف نسمع ب”شهداء الدقيق” و “شهداء لقمة العيش”، و لائحة هؤلاء الفقراء المساكين المستضعفين تطول، و لا يعلم أسمائهم إلا المولى عز وجل، فهم ليسوا من مشاهير أو نجوم المجتمع حتى تتسابق كبريات الصحف و المؤسسات الإعلامية للدفاع عن حقوقهم و القصاص من ظالميهم..

وتبقى وفاة ” زكرياء الشويخ” رحمه الله ، وصمة عار على جبين السلطات المغربية محليا و مركزيا، وعلى كل مواطن شارك في الظلم ولو بالصمت، فالمرحوم ” زكرياء الشويخ” حرق نفسه نتيجة للظلم و الجور و غياب العدل ، ضحية الفساد و نهب ثروات البلاد و العباد، ضحية التسيير الخاطئ لموارد البلاد و قدرتها، هذا المواطن و الملايين ممن يعانون في صمت، ليسوا من ذوي الأرصدة البنكية السمينة أو الاجور العالية، و المداخيل المالية الفلكية، إنهم أناس بسطاء مياومين يشتغلون يوما و يجلسون يوما في الظروف العادية، و ما يكسبونه بالنهار يستهلكونه بالليل، و أقصى أمانيهم الحصول على سقف يؤويهم و لقمة عيش تسد جوعهم و كساء يسترهم، فأمانيهم بسيطة و مقدور عليها لو توفرت الإرادة السياسية الصادقة، و تولى إدارة الشأن العام الأكفاء و الأمناء ..

و لسنا بصدد تحميل المسؤولية لفرد أو مجموعة أفراد أو لجائحة “كورونا”، فالخلل في الحالة المغربية بنيوي و ليس وليد الظروف الراهنة، ف “كورونا” و الأزمات اللاحقة كشفت المستور، و كذبت زيف فرادة النموذج التنموي المغربي و فرادة التجربة المغربية، ذلك أن النموذج التنموي المعتمد في المغرب منذ الاستقلال، نموذج فاشل و لم و لن يخدم التنمية الفعلية، ولن يحرر النمو الإقتصادي من الحلقة المفرغة التي يدور فيها ، و من ثباته المرضي في عتبة ما دون  3٪، و ارتباطه بالتغيرات المناخية، رغم كل الخطابات و المبادرات و المشاريع الضخمة التي لا نرى لها أثرا على الواقع الإقتصادي و الإجتماعي لغالبية المغاربة…

والقول  بفشل النموذج التنموي المغربي فيه مبالغة و مجانبة للصواب، فليس هناك أصلا نموذج مغربي، و كل ما يتم تنفيذه من سياسات و إصلاحات هو نتاج لبرنامج التقويم الهيكلي و التي خضع لها المغرب رسميا منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي، و لازال البرنامج مستمرا بوثيرة مختلفة نسبيا، لكن على العموم فإن الإبداع المغربي شبه غائب، فهذا التوجه العام خضعت له العديد من بلدان العالم الثالث، و البلاد التي استطاعت تحقيق إقلاع إقتصادي هي من تجنبت أجندة البنك و صندوق النقد الدوليين و إجماع واشنطن..

 أما الاستمرار في توجيهاتهم    القائمة على فلسفة المشاريع الكبرى الموجهة لخدمة الدين الخارجي،  و التقليص في الإنفاق العمومي على الخدمات و السلع العمومية كالصحة والتعليم، على أنها قطاعات غير منتجة، فإنها تقود إلى كل ما نراه من إختلالات إقتصادية وإجتماعية و تشوهات تنموية، وهذا التوجه فيه مخالفة صريحة للمسلمات التنموية وللشواهد و الأدلة الثابتة، و التي مصدرها التجارب التنموية الدولية المقارنة، ومن ضمن هذه المسلمات نذكر أن تحقيق التنمية يقتضي الاستجابة لشروط و ضوابط   أساسية أهمها:

  • القضاء على الأمية والجهل
  • القضاء على الفقر وتقليص الفجوة بين من يملكون الثروات الطائلة ومن لا يحصلون على لقمة العيش اليومية…
  • بناء ديمقراطية حقيقية وليس ديموقراطية شكلية فارغة من مضمونها، فالديموقراطية غايتها رفع مستوى مشاركة السكان في وضع وإختيار  السياسات التنموية التي تخدم تطلعاتهم الٱنية والمستقبلية، وفي ظل غياب الديموقراطية الفعلية تصبح السياسات تصاغ و تنفد من قبل بيروقراطية غير منتخبة تستمد شرعيتها و درايتها من تنفيذها لتوصيات و تعليمات المؤسسات الدولية …
  • توسيع نطاق الحريات و الحقوق الفردية و الجماعية
  • الإهتمام باللغة الوطنية و الإستفادة من القيم الثقافية والحضارية لدعم التنمية، مع الإنفتاح الإيجابي على التجارب الدولية الرائدة..
  • الإستثمار في العلم و تشجيع البحث و التطوير عبر دعم الكفاءات و تشجيعها و إحتضانها…

ودون حاجة للتوسع فإننا نترك للقارئ هامشا لإخضاع الواقع المغربي للتمحيص على ضوء العناصر أعلاه، فمن دون شك أن المغرب لازال يعاني من تفشي الأمية و التي تمثل نحو 20٪ الساكنة المغربية، و نسب الهدر المدرسي مرتفعة، و البلاد لم تستطع الوصول بعد إلى تعميم التعليم، بل هناك جدل حول مجانية التعليم و توجه نكوصي نحو تقليص الإنفاق العمومي على التعليم، بل إن إنتشار الفساد  في إنفاق المخصصات يعمق من مأساة قطاع التعليم و يوسع من أفة الهذر المدرسي و الشغب والفوضى التي عمت المركب الرياضي الامير عبد الله بالرباط بعد هزيمة الجيش الملكي أمام المغرب الفاسي يوم الأحد الماضي، تعم هذا التوجه النكوصي و الخلل البنيوي في المنظومة التعليمية و التربوية،   فمسلسل التجهيل و “التضبيع” و تعنيف رجال التعليم و الاستهزاء برجال و نساء العلم و صناع المستقبل في مقابل تشجيع التفاهة و الانحلال و القيم الاستهلاكية و النموذج الثقافي المتحرر من كل القيم الأخلاقية النبيلة، و تشجيع الداروينية الاجتماعية القوي يأكل الضعيف .. هذا التوجه ستكون له تكلفة باهظة.. ويقال الشيء يعرف بضده و لمعرفة أهمية التعليم أنظر إلى كلفة الجهل. البلاد في حاجة إلى اجيال متعلمة ومتشبعة بقيم الوطنية وإحترام الاختلاف والحفاظ على سلامة الاشخاص وممتلكاتهم  و الحفاظ على ممتلكات الشعب.. .

أما الولوج للخدمات الصحية فاصبح مرتبط بالقدرة على الدفع ، و الخدمات الصحية العمومية تتجه نحو المزيد من الإنحدار في مقابل توسع القطاع الصحي الخاص و تسليع المرض و العلاج..و دائما الفساد وضعف الإنفاق العمومي سبب في معاناة الكثير من المغاربة وغياب الأمن الصحي، و فيروس كورونا كشف المستور و أماط اللثام عن الفشل التنموي و سوء إدارة البلاد و مواردها..

فالمشكل بنظرنا ليس فقط في فشل السياسات أو محدوديتها، و لكن العلة تكمن أيضا في الإدارة السياسية، وغياب المحاسبة والمساءلة، فالخلل في تنفيذ السياسات و في إنحيازها باتجاه الفئات المهيمنة إقتصاديا و سياسيا…مغرب الفقر المدقع و الغنى الفاحش، مغرب دور الصفيح و فنادق خمس نجوم، مغرب ملاعب الغولف و أفواج من العطشى في الجنوب المغربي، مغرب القطار السريع و الشباب العاطل الذي ينتظر بالساعة في المقاهي، مغرب يبحث عن إدماج الأفارقة في سوق الشغل، بينما شبابه يرمون بأنفسهم للمجهول و يمتطون قوارب الموت للحصول على العيش الكريم..!!!

 فالخطاب السياسي الذي يحاول البحث عن توصيفات غير دقيقة للإشكالية الحقيقية التي تعرفها البلاد يعد سبب رئيس في إستمرار السياسات الفاشلة ذات الطابع الترقيعي، و التي تحاول تخذير الوضع بدل علاجه و تطويره ، و هذا التوجه يغدي إستمرار التناقضات البنيوية التي تستوطن الواقع المغربي بمختلف تجيلاته، فما الغاية من بناء فنادق خمس و سبع نموذج في بلد طارد  للسياح،  و ما الغاية من القطار الفائق السرعة في بلد أخر شيء يتم تثمينه هو الوقت و الزمن، و ما المكاسب التي سيتم تحقيقها من الطاقة الشمسية في بلد لم يستطع العديد من سكانه الولوج لشبكة الصرف الصحي..!!

فالمغرب للأسف، يجذف عكس التيار و استمرار توجيه النقذ للنموذج  بدلا  من توجيه النقذ للمسؤوليين و المنفذين لهذا النموذج، هو هروب من الواقع ، فالإصلاح يمر عبر بوابة هدم و إعادة هيكلة البنية السياسية الفوقية، فلا يمكن تحقيق التحول و الإقلاع التنموي بنظام سياسي ينخره الفساد و المحسوبية و غياب المحاسبة والمساءلة، نظام يغلب الولاء على الكفاءة والدراية، ولايمكن تشجيع الإستثمار الأجنبي و إستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية، بينما المغرب يعرف منذ 2011 هجرة معاكسة لرؤوس الأموال المحلية باتجاه الملاذات الأمنة، فمن باب أولى استرداد هذه الأموال للداخل، فرجوعها كفيل بخلق انتعاش إقتصادي و تحفيز دورة تنموية حميدة و نشطة في الإقتصاد الوطني…

فصياغة نموذج تنموي جديد يقتضي القطيعة مع الأسلوب المتبع في ادارة البلاد و في وضع السياسات، وكما أوضحت في بداية هذا المقال فإن كاتب المقال له تصور مغاير للتوجه التنموي التقليدي القائم على التبعية للمنظمات المالية والنقدية الدولية، و يرى أن مكافحة الفساد و تغيير البيروقراطية الإدارية شكلا ومضمونا، عبر فتح مجال للكفاءات الوطنية و منحها الحرية والسلطة و الأدوات في تنفيذ سياساتها الإصلاحية أهم مداخل الإصلاح، أما الإستمرار بنفس الوجوه فذلك نوع من الهذر للموارد والجهد و الوقت…فالخلل في الجهاز التنفيذي و في الهرم  السياسي، الذي يعاني من تضخم في الهيئات و ضعف شديد في الأداء و الفعالية فالمدخلات لا تتناسب مع المخرجات …

و تحقيق ذلك يرجعنا إلى المربع الاول، فالإصلاح السياسي و الدستوري ، و توسيع المشاركة الشعبية في إختيار السياسات و منفذيها و تفعيل مبدأ المحاسبة والمساءلة ، و الفصل الواضح و الدقيق للسلط، و فصل السلطان عن التجارة.. لازمة لا مفر منها لتوسيع خيارات الناس و تحقيق التنمية الفعلية، أما خلاف ذلك، فهو استمرار لطرد الكفاءات و تعميق معاناة الفقراء في الداخل.. والله غالب على أمره و لكن أكثر الناس لا يعلمون..

إعلامي و أكاديمي متخصص في الإقتصاد الصيني و الشرق آسيوي، أستاذ العلوم السياسية و السياسات العامة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى