قد لا يفهم صاحبنا القادم البعيد ما يريده طيفي البسيط الغابر../ سيد احمد ولد باب
ترددت على هذا الجدار الافتراضي مرارا في السنوات الأخيرة، كاتبا ما استطعت (و من أحشائي)… ردودا على أحداث عصيبة تعرضت لها أمة استبيحت في عرضها بشكل وحشي من طرف أقوياء هذا العصر كان من سوء طالعي أنني، فردا و مجتمعا و دولة، جزء منها…
و كان من سوء طالعي أيضا، أنني أحد أفرادها الذين يشعرون بذلك الاستهتار الصارخ للحياة فيها و يوجعهم في الصميم…!و قد عبرت عن ذلك عبر وريقات متواضعة… متفاوتة المبنى و المعنى، يؤسفني أنها قد لا تشفي الغليل و قد لا ترقى إلى القوة اللازمة التي تخفف الهم عن القلوب…
و سأذهب يوما ما تاركا تلك الوريقات خلفي… قد يكتب لها، إن طال أمد هذا المنبر في هذه الفانية… و بعد أن يختفي ذكرى طيفي المتواضع – و ذكرى الطيف لا تختفي إلا بعد ذهاب آخر من عرفوا صاحبه أو علموا عنه… و قوة حضوره ليست مرتبطة بتدفق الدماء في الشرايين أو حركة الأقدام على الأديم بقدر ما هي مرتبطة بقوة جميله في من عرفوه – قد يكتب إذا لهذه الردود المتواضعة أن يلتقطها متحلي بدرجة معقولة من الوعي، متكون في بيئة مختلفة عن بئتنا المعاصرة… التي يطبعها جشع بدائي ركيك. و إن تحقق ذلك فسيلتقطها ذاك الأحد، كما تلتقط تلك الرسائل التي يكتبها متضررون تقطعت بهم الأواصر و انفردت بهم المظالم على شواطئ الحياة الكثيرة…
تلك الرسائل التي توضع غالبا في قنينات قبل أن ترمى في بحر هائج عل و عسى أن تشفع لهم الأمواج في إيصالها يوما ما لمن ستشهد له ببراءتهم مما صار إليه أغلب قومهم من استغفال و استيلاب…و لكن صاحبنا القادم البعيد قد لا يفهم ما يريده طيفي البسيط الغابر من وريقاته هذه، و لا لوم عليه ! فمن البديهي أنه يجهل أوجاع عصري بأجملها أحرى أن يهتم أو يعلم بعبوري أنا المسكين من هنا ذات زمن… و لابد أنه سيقول متهكما :”مسكين هذا… كان يحاول ترك أثر لرفضه لما تعرض له في حياته من أذى بظفر هش على صخرة هذه الحياة الصلبة اللامبالية. تلكم الحياة التي أبت لأعتى الأحداث التي شهدها تاريخ الإنسانية منذ البدء، أن يبقى لها أثر عليها… فكيف له هو، على ما هو عليه، أن يطمع بأن تحتفظ له هذه الدنيا الخداعة الزائلة، هو و أحداثه المؤرقة، بأبسط أثر…؟”رمضان كريم…